عادي

2022.. العام الذي فقدت فيه لندن تاج أسواقها

11:08 صباحا
قراءة 4 دقائق
إعداد: هشام مدخنة
خسارة 550 مليار جنيه إسترليني من قيمة المؤشرات
جمعت 1.5 مليار جنيه إسترليني من عمليات الإدراج
«فوتسي 100» أفضل سوق متطور رئيسي من حيث العملة المحلية
اقتصار الأداء المتفوق على الشركات العالمية الكبيرة
يا له من عام مثير شهدته أسواق المملكة المتحدة، عام ساعدت فيه ملامح الركود، والتضخم عند أعلى مستوياته في 41 عاماً، إضافة إلى زلزال سياسي نتج عنه استقالة رئيسين للوزراء، وإضرابات هي الأكبر منذ عهد مارغريت تاتشر في ثمانينات القرن الماضي، بتعزيز عمليات بيع الأسهم المحلية والديون الحكومية والخاصة.
وكان هذا هو العام الذي فقدت فيه المملكة المتحدة حرفياً، تاجها كأكبر سوق للأوراق المالية في أوروبا، وتم مسح نحو 550 مليار جنيه إسترليني (672 مليار دولار) من القيمة السوقية للمؤشرات التي تتبع الأسهم والسندات المكشوفة محلياً.
وحدث الاضطراب في العديد من الأصول في الوقت الذي تواجه فيه بريطانيا أزمة كُلفة معيشية قد تكون أشد قسوة من الاقتصادات المتقدمة الأخرى. ويرجع ذلك جزئياً إلى الزيادات في سقف أسعار الطاقة المنزلية، وكذلك مدفوعات الرهن العقاري قصيرة الأجل التي أصبحت أكثر حساسية لارتفاع أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية. في غضون ذلك، لا تزال تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تشكل عائقاً أمام سلاسل التوريد للشركات.
قالت آنا ماكدونالد، مديرة صندوق الأسهم الصغيرة في المملكة المتحدة في «أماتي غلوبال إنفسترز»: «لقد كان عاماً صعباً حقاً، والتقييمات تعكس صورة سيئة للغاية».
  • صعود باريس
بلغت القيمة السوقية المجمعة للإدراجات الأولية في باريس هذا العام (باستثناء صناديق الاستثمار المتداولة، والأوراق المالية للشركات الأجنبية) 2.97 تريليون دولار حتى 15 ديسمبر/كانون الأول، مقابل 2.95 تريليون دولار في لندن؛ وذلك وفقاً للبيانات التي جمعتها «بلومبيرغ».
ولم تكن فرنسا وحدها هي التي أطاحت لندن، فقد تفوقت الهند والمملكة العربية السعودية على المملكة المتحدة أيضاً.
بدورها استفادت الشركات الهندية من الوصول إلى خام روسي أرخص، وفقاً لما قاله نيك باين، مدير الاستثمار في أسواق الأسهم الناشئة في شركة جوبيتر لإدارة الأصول.
  • الجنيه المضطرب
شهدت أسواق المملكة المتحدة نوبات من التقلب الشديد في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي؛ حيث أعلنت رئيسة الوزراء آنذاك ليز تراس ووزير الخزانة كواسي كوارتنغ عن مجموعة من التخفيضات الضريبية غير الممولة فيما سُمي بالميزانية المصغرة.
بعد هذا الإعلان، حدثت نوبة اضطراب في الأسواق مع قلق المستثمرين بشأن زيادة الاقتراض الحكومي الذي قد يكون مطلوباً لتمويل السياسات. وعلى الفور انخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته على الإطلاق مقابل الدولار عند 1.0350 دولار، وعلى الرغم من انتعاشه لاحقاً عندما حل ريشي سوناك محل تراس رئيساً للوزراء، فإنه لا يزال معرضاً لأكبر انخفاض سنوي له منذ عام 2016.
وقال كريس إيغو، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة «أكسا إنفستمنت مانجرز»: «لقد تشوهت صورة المملكة المتحدة، بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والاضطرابات السياسية، والحادثة التي شهدناها في سبتمبر/ أيلول، أي الميزانية المصغرة الكارثية».
  • عوائد السندات الذهبية
في السياق ذاته، ارتفعت العوائد القياسية على السندات الحكومية لمدة 10 سنوات في المملكة المتحدة (السندات الذهبية) بأكثر من نقطتين مئويتين هذا العام، وهي أعلى نسبة منذ عام 1994؛ وذلك في الوقت الذي رفع فيه بنك إنجلترا أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ أكثر من ثلاثة عقود، لوضع حد للتضخم المكون من خانتين.
وفي حين أن العوائد قد تراجعت منذ الميزانية المصغرة، فإن تصورات المصداقية المالية لم تتعاف تماماً، كما قال الخبراء الاستراتيجيون في شركة «بلاك روك» في توقعاتهم لعام 2023.
  • سطوع نجم FTSE 100
في ظل الوضع القاتم، وبعد أدائه الضعيف منذ أن صوتت المملكة المتحدة في عام 2016 لمغادرة الاتحاد الأوروبي، برز مؤشر «فاينانشال تايمز للأوراق المالية» الأكثر شعبية وتداولاً على نطاق واسع والمعروف باسم «FTSE 100» أو «فوتسي 100»، كنقطة مضيئة وأفضل سوق متطور رئيسي هذا العام؛ من حيث العملة المحلية، متجهاً لتحقيق أكبر أداء منذ عام 2011، ومتفوقاً على نظرائه في منطقة اليورو.
ويرجع ذلك جزئياً إلى نقص «أسهم النمو» في مجالات مثل التكنولوجيا.
واستفاد المُصدّرون من ضعف الجنيه الإسترليني، في حين أدى انتعاش أسعار السلع إلى تحقيق مكاسب لشركات مثل «Glencore Plc»
و«Shell Plc». كما عززت القطاعات غير الدورية، كالسلع الأساسية والرعاية الصحية مؤشر «FTSE»؛ حيث سعى المستثمرون إلى الملاذات أثناء الانكماش الاقتصادي.
  • تدهور الأسهم المحلية
اقتصر الأداء المتفوق للأسهم البريطانية هذا العام على الشركات العالمية الكبيرة ذات العلامات التجارية القوية والتدفقات النقدية الثابتة. أما محلياً، فقد انخفض مؤشر FTSE 250 المتوسط، ومعيار آخر يتتبع الأسهم المحلية، بأكثر من 20% منذ بداية العام حتى الآن، وهو أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008. وأدت المخاوف بشأن الاقتصاد البريطاني، وارتفاع أسعار الفائدة وعواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى زعزعة قطاعات مثل بناء المنازل، والخدمات المصرفية، والاستثمار العقاري، وتجارة التجزئة.
ومع ذلك، يمكن أن تتغير ديناميكية الأسهم البريطانية في العام المقبل، وفقاً لسوزانا كروز، الخبيرة الاستراتيجية في «Liberum Capital»، التي تتوقع أن يتفوق أداء الشركات المتوسطة البريطانية على الشركات الكبيرة مع انخفاض التضخم وضعف الدولار.
  • تقلص حصة الاكتتاب
وعلى الرغم من أنه كان عاماً سيئاً للاكتتابات العامة الأولية على مستوى العالم، فإن حصة رأس المال البريطاني من عائدات الطرح العام الأولي الأوروبي انخفضت إلى أدنى مستوى منذ عام 2009.
وبحسب بيانات «بلومبيرغ»، جمعت عمليات الإدراج في لندن 1.5 مليار جنيه إسترليني فقط هذا العام، وهو ما يمثل 9% من الإجمالي الأوروبي. ولم تحصل لندن على اكتتاب واحد يفوق المليار دولار في عام 2022، مقابل خمس صفقات فقط جمعت أكثر من 100 مليون دولار.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/72vbpty2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"