عادي

الحميد جل جلاله

23:41 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

يسدي أحدنا معروفاً ربما لا تكون له قيمة لشخص ما، ثم ينتظر منه عبارة شكر، فإن لم يجرِ لسانه بما أردنا من مدحنا، أغلقنا باب العطاء دونه، لكن حقيقة إحساننا للآخرين، مردها إكرام الله لنا بأن سخّرنا للخير، فعلينا أن نحمد الله على ذلك، وقبل أن نوجه العتب للآخرين على تقصيرهم، علينا أن نسأل أنفسنا، نحن المتقلبين بنعم الله ليل نهار، هل أدينا حمد الله على نعمه؟ وهل أرينا الحميد، جل جلاله، السميع لمن يحمده من أحوالنا ما يظهر من اعترافنا بنعمه؟

قبل الإجابة عن أي سؤال، لنتعرف إلى معنى الحميد، ولنتفكر في نعمائه ثم ماذا قدمنا من حمد تجاهها. الحمد هو المعنى المعاكس للذم، وهو أعلى مرتبة من الشكر والثناء. وورد عن رفاعة بن رافع قال: صلَّيتُ خلْفَ رسولِ اللهِ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فعطِسْتُ فقلتُ الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُبارَكًا فيه مُباركًا عليِه كما يُحِبُّ ربُّنا ويرْضى فلمَّا صلَّى رسولُ اللِه، صلَّى اللهُ عليِه وسلَّمَ، انْصرفَ فقال منِ المُتكلِّمُ في الصلاةِ. فلم يتكلَّم أحدٌ، ثم قالَها الثانيةَ: منِ المُتكلِّمُ في الصلاةِ. فلم يتكلَّم أحدٌ، ثم قالها الثالثةُ: منِ المُتكلِّمُ في الصلاةِ. فقال رِفاعةُ بنُ رافِعِ ابنِ عَفْراءَ: أنَا يا رسولَ اللهِ قال: كيف قُلتَ؟ قال قُلتُ: الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُباركًا فيِه، مُباركًا عليِه كما يُحِبُّ ربُّنا ويرْضى. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليِه وسلَّمَ: «والَّذي نفْسِي بيدِهِ، لقد ابْتَدَرَها بِضعةٌ وثلاثونَ مَلَكًا أيُّهم يَصْعدُ بِها».

الحميد من أسماء الله الحسنى، وقد جاء بصيغة مبالغة من الحمد، فهو المحمود من الخلق على ما تفضل به عليهم من نعم، فلو استغرق العبد حياته كلها في حمد الله، لما وفى جزءاً بسيطاً من حق الله، فحتى حمده لله، يجب أن يحمده عليه أن وقفه له، بينما هناك تائهون كثر غافلون عن حمد خالقهم، منكرون جاحدون لنعمه.

وقيل الحمد على أنواع أربعة: حمد قديم لقديم كحمد الله لنفسه، وحمد قديم لحادث كحمد الله لخواص عباده من أنبيائه وأوليائه، وحمد حادث لقديم كحمدنا لله، وحمد حادث لحادث كحمدنا فلاناً على حسن صنيعه. والحمد بمعناه الحقيقي لا ينصرف إلا لله، سبحانه، أما إذا صُرف تجاه العبد فهو من باب الشكر والثناء والمدح.

كثيراً ما ينظر أحدنا إلى أناس قد أنعم الله عليهم بشيء من الدنيا ثم يقارن نفسه بهم، فإن سئل عن حاله، أجاب بما يشبه عدم اليقين أو الرضا عما هو فيه، الحمد لله، لكن لو دققنا النظر قليلاً، لوجدنا أن ما أنعم الله به علينا فيه الخير، وما لم نعطه كذلك فيه الخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3dkpwd4d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"