مبادرة سلطان أنصفت الشعر الفصيح

02:40 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإنشاء بيوت الشعر العربية غيرت المزاج العام وأعادت التوازن للشعر، فهذه البيوت هي الحلم الذي عانق المستحيل في الأرض العربية، ولم يمر كثير من الوقت حتى انطلقت برامجها إلى الآفاق بما تحمل من رياح التغيير وتحفز على اكتمال المشهد الإبداعي في ربوع الشعر العربي.
خلال هذه المسيرة التي رسم ملامحها صاحب السمو حاكم الشارقة فإن هناك بعض المشاهد التي تستحق الوقوف عندها، خصوصاً أن هناك تغييراً واضحاً في المزاج العام بخاصة في منطقة الخليج التي انطلقت منها هذه المبادرة ومن ثم الدول التي تم افتتاح البيوت فيها، حيث كان السائد هو الشعر النبطي الذي يمثل الشريان الشعبي ويعبر عن الروح الإبداعية في الحياة بوجه عام، فضلاً عن أنه كان ولا يزال المؤرخ لطبيعة الشعوب والناقل الحقيقي لتفاصيل الحياة اليومية الزاخرة بالمساجلات الشعرية حتى أن المناخ العام دائماً وأبداً ظل مرتبطاً بالشعر النبطي، والغريب أن معظم شعراء الفصحى لا يكتبون الشعر الفصيح وحده، لكنهم أيضاً يكتبون النبطي، وهو ما يؤكد أن هذا اللون من الشعر حقق انتشاراً في المنطقة، وحظي الشعراء بالتكريم والشهرة من خلال الأمسيات الشعرية التي يحتفي خلالها الجمهور بشعرائه الذين يتغنون بالنبطي في يسر وسهولة وانطلاق.
لكن بيوت الشعر العربية بمبادراتها التي اخترقت الوجدان في إشارة إلى العودة إلى الرصانة والفحولة اللغوية والرشاقة اللفظية والموسيقى العالية والبناء والتشكيل قد أشعلت مواجد الشعراء وفتحت سوقاً كبيراً لهم، سواء من خلال الانتشار عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال اللقاءات المباشرة مع الجمهور في الأمسيات والمهرجانات التي تقام في بيوت الشعر العربية، أو من خلال الدواوين الشعرية والتكريمات حتى غدا الفنانون يقيمون حفلاتهم الغنائية على أنغام القصائد الفصيحة ويتغنون بالفصيح.
هذا المزاج العام حرك الشجون، وأكد أن مثل هذه المبادرة العظيمة التي قاد ركبها صاحب السمو حاكم الشارقة فعّلت حركة الشعر العربي وكرست لمفاهيم جديدة في مسيرة الشعر في هذه المرحلة التي تشهد طفرة إبداعية وغزارة إنتاجية بعد طغيان الشعر النبطي وتغلغله في الوجدان والذائقة بوجه عام، وعلى الرغم من هذه الحفاوة التي قوبلت بها مبادرة انطلاق بيوت الشعر العربية، فإن ذلك لا يقلل من قيمة ومكانة الشعر النبطي في الحياة الخليجية والعربية بوجه عام، فكل تجربة لها خصوصيتها وقيمتها، لكن كاد الناس ينصرفون عن الشعر الفصيح وكاد كثير من الشعراء يتجهون لكتابة الشعر النبطي تماشياً مع الذوق العام، رغم أنهم شعراء فصحى في المقام الأول.
وفي هذه المرحلة التي تشهد هذه الوجهة الجديدة من استعادة القصيدة العربية لمكانتها عند الشعراء والجمهور، فإن التوازن في الذوق العام أصبح واضحاً في هذه المرحلة، وأعتقد أن المستقبل يحمل بشارات كبيرة في المضمون بخصوص مبادرة بيوت الشعر العربية التي تنطلق من نجاح إلى آخر بفضل دعم وتوجيه صاحب الحق الأصيل في الشكر والثناء والمعلم الكبير وصاحب الرسالة الكريمة في منطقتنا العربية والعالم بأسره، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي لمسنا على يديه كل ما يجعل اللغة العربية والشعر العربي في صعود وتقدم وازدهار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"