الحوسبة القابلة للارتداء ترسم وجهة جديدة للتقنية

يتنبأ الخبراء أن الحوسبة القابلة للارتداء ستكون هي التقنية المقبلة، ولكننا نعرض هنا بعض الأجهزة المثيرة الأخرى، لقد حان الوقت لصناعة الحوسبة القابلة للارتداء، فقد أعلن رجل الأعمال مارك أندريسين في إحدى المقابلات الصحفية التي تم إجراؤها معه مؤخراً أن أجهزة الكمبيوتر القابلة للارتداء هي الشيء الكبير المقبل بالنسبة لوادي السليكون وأن الشهور القليلة الماضية قد شهدت ظهور الكثير من المنتجات الجديدة في الميدان.

من هذه الأجهزة، جهاز يسجل أي شيء تراه حتى يتسنى لك معاودة تشغيله فيما بعد، وسوار لليدين يراقب صحتك بشكل مريح ودقيق، بالإضافة إلى الهاتف الساعة Dick Tracy - هذه الأجهزة ليس فقط ستظهر في القريب العاجل، بل إن بعضها موجود هنا .

على سبيل المثال، أعلنت شركة WIMM Labs مؤخراً عن خط جديد من الأجهزة المدعومة بنظام التشغيل أندرويد وهي صغيرة بما يكفي لأن ترتديها في معصمك ولكنها قوية بما يكفي لمساعدتك على متابعة التقويم وحالة الطقس وغيرها الكثير، وكما كان Ed Oswald سريعاً في إشارته، وعلى الرغم من ذلك، فقد كان لدينا تكنولوجيا لهذه الأنواع من الأجهزة منذ أعوام . وقد أطلقت مايكروسوفت ساعة SPOT الشبيهة بها في عام 2003 .

وقد أصبحت الحوسبة القابلة للارتداء جزءاً من حياتنا، فما هو الجديد المقبل في الطريق؟ يقول ترافيس بوجارد، نائب رئيس إدارة وتخطيط المنتجات لشركة Jawbone إن الأعوام القليلة المقبلة يجب أن تشهد توسع الحوسبة القابلة للارتداء وامتدادها إلى مناطق جديدة لأن المستهلكين سيرتاحون أكثر للفكرة .

وتعد شركة جاوبون أشهر الشركات في إنتاج خطها من سماعات البلوتوث، ولكنها أعلنت مؤخراً عن إنتاج جهاز UP وهو عبارة عن سوار سوف يتم إطلاقه في نهاية العام . وسوف يحتوي الجهاز الفريد على نصائح تتعلق بما يجب عليك أن تأكله وكيف تنام، كما أنه سوف يراقب تحركاتك لمساعدتك على معرفة كمية التمرينات التي قمت بممارستها . وسيكون في وسعك الاطلاع على آخر الأخبار عبر تطبيق الهاتف الذي يتيح لك مراجعة بياناتك طوال اليوم .

وبقدر ما قد تبدو عليه هذه الأجهزة من غرابة، فإنها تعد امتداداً طبيعياً لنمط الحياة الخاص بالحوسبة القابلة للارتداء والتي وجدت لها مؤيدين كثيرين . حيث إن ما يزيد على ثلاثة ملايين عداء يستخدمون في الوقت الحالي نظام آي فون +Nike لمتابعة تمريناتهم . فجهاز Nike+ sensor الصغير الذي تصل تكلفته إلى 20 دولاراً، يمكن تركيبه في كعب حذاء العدو ويقوم بتسجيل مسافة الجري وقوة الجري . وقد ساعد هذا الجهاز، بواجهة الويب الجذابة، ساعد العدائين على تسجيل أكثر 420 مليون ميل من التمرينات منذ أن تم إطلاقه للمرة الأولى في عام 2006 .

ويعد جهاز Nike+ مجرد غيض من فيض في صناعة الأجهزة الصحية القابلة للارتداء . ومنذ عدة أعوام، قدمت شركات مثل شركة BodyMedia جهاز شارة FIT والتي يصل سعرها إلى 180 دولاراً أمريكياً، وشركة أبيكس فيتنيس، التي أطلقت نظام BodyBugg بسعر 200 دولار، قدمت أجهزة يمكنها مراقبة كمية السعرات الحرارية التي يحرقها جسمك خلال اليوم، وبمساعدة الصحف الإلكترونية المتخصصة في الأطعمة، فإن هذه الأجهزة تساعدك على فقدان الوزن .

قد تكون الخطوة المقبلة في عالم الحوسبة القابلة للارتداء هي التركيز على تصميم أجهزة الحوسبة القابلة للارتداء، ومن الناحية التقليدية، فإن الحوسبة القابلة للارتداء تقوم بوظيفة قيمة فضلاً عن شكلها- ولكن مع طرح أجهزة أصغر وأكثر راحة مثل جهاز أب وجهاز Nike+ في الأسواق، فإن هناك تغييراً يطرأ على ذلك . حيث يقول ترافيس بوجارد من شركة جاوبون، إن الغاية النهائية هي الانتقال من الحوسبة القابلة للارتداء من الحداثة إلى جزء غير مرئي تقريباً من حياتنا اليومية . ويضيف قائلاً إنك تريد أن تكون قادراً على البقاء متابعاً لكافة هذه المعلومات، كما أنك تريد أن تقوم بذلك بطريقة يمكنك إدخالها في جسمك بطريقة سهلة وسلسة .

وشركة جاوبون لديها بعض الخبرة في هذا المجال، فمنذ البداية، كانت الشركة تعتبر أن سماعات البلوتوث التي تنتجها هي بمثابة أجهزة كمبيوتر قابلة للارتداء، يقول بوجارد: في عالم يكتظ بأجهزة الهاتف المحمول والتنقل، في عالم الأجهزة المحمولة هذا، فإن الواقع هو أننا نستخدم أيدينا وأعيننا للتصفح .

وهناك بعض مفاهيم الحوسبة القابلة للارتداء تعوق رؤية المستخدم بطبقاتها العليا المعقدة، أو تحتل أيدي المستخدم بلوحة مفاتيح مصغرة . هذه التصميمات تمنع المستخدمين من التفاعل مع العالم بشكل طبيعي . يقول بوجارد إن شركة جاوبون تعتقد أن أجهزة الهاتف المحمول التي تنتجها تعد بمثابة حل لهذه المشكلة . ويضيف: إن الأجهزة السمعية مهمة وممتعة لأنها لا تستخدم هذه المصادر وترك الحرية للأشخاص في استخدام أعينهم وأيديهم بشكل طبيعي يعد العنصر الأساسي في التفاعل مع الحوسبة من دون الاضطرار إلى الانشغال بها جسدياً .

ويزعم بوجارد أنه في كل مرة تقوم فيها بتشغيل سماعة البلوتوث، فإنك تقوم في الواقع بالمشاركة في ثورة الحوسبة القابلة للارتداء . والتجربة عادية جداً ومريحة جداً، لدرجة أننا لم نعد حتى نلاحظها .

ولكن من وجهة نظر بوجارد على الأقل، فإن ذلك لا يعد أحد الأعراض الجانبية للتصميم الجيد- بل إنه الغاية والهدف، فبوجارد يعتقد أن التصميم الجيد يجب أن يلاحظه المستخدم النهائي وينبهر به، وعندما تصبح امتداداً طبيعياً لأنفسنا، عندها فقط سوف تنطلق التكنولوجيا .

وهذا النهج بعيد تماماً عن النظرة الشائعة للحوسبة القابلة للارتداء في الخيال الشعبي، فعلى الرغم من أن بعض الخبراء يعرفون الحوسبة القابلة للارتداء بشكل فضفاض للغاية بحيث تشمل ساعة الجيب، فإن الفكرة - بالشكل الذي تفهم به في الوقت الحالي- قد ولدت في أوائل الثمانينات عندما قام أكاديميون بابتكار منصات معقدة بأسعار في المتناول تغطي الجسم كله .

وعلى الرغم من أن التجارب الأولى قد وسعت تعريف كلمة محمول (وهو طراز قديم أنتجته شركة ستيف مان الرائدة في مجال الحوسبة القابلة للارتداء وكان يتعين حمله في حقيبة ظهر)، إلا أن المحاولات قد ساعدت أيضاً على تشكيل المفهوم الشعبي للكمبيوتر القابل للارتداء . فالنسبة لمعظم الأشخاص، عادة ما يشير المصطلح إلى منصة ممتدة تبدو، بصراحة، محرجة قليلاً . وهذه الأنظمة تشترك في صفات مع جهاز بورج من إنتاج شركة ستار تريك أكثر من الصفات التي تشترك فيها مع سماعة البلوتوث .

وبالطبع، فحتى الأجهزة التجريبية قد أصبحت أصغر وأقل ملاحظة مع مرور السنين، وفي عام ،1994 ابتكر ستيف مان نظاماً جديداً للحوسبة القابلة للارتداء وبدأ مشروعاً طموحاً لنقل حياته بالكامل، مباشرة، لمدة عامين . وفي ذلك الحين، كان جهازه عبارة عن سلسلة ضخمة من الصناديق المعلقة في حزامه . وبعد انتهاء التجربة، قام مان بتخفيف جهازه بشكل أكبر، وبحلول أواخر التسعينات، كانت منصته تتكون من نظارة شمسية ملحقة بصندوق صغير واحد معلق في حزامه .

وفي الوقت الحالي، فإن القدرة على تسجيل كل شيء تراه أصبح متاحاً للمستهلك العادي: فجهاز Looxcie 2 بسعر 200 دولار، وهو عبارة عن كاميرا صغيرة في حجم سماعة البلوتوث تقريباً، يتم تركيبها في أذنك وتتيح لك تسجيل ما يصل إلى 10 ساعات من لقطات POV يمكنك تحميلها إلى الكمبيوتر الخاص بك للتسجيل اليومي للأنشطة التي تقوم بها .

ولأن تكنولوجيا الحوسبة مستمرة في الاتجاه إلى صغر الحجم وزيادة القوة، فإن إمكانيات الحوسبة القابلة للارتداء لا يمكن إلا أن تزيد فقط . ويربط ترافيس بوجارد حالة الصناعة بحالة الكمبيوتر الشخصي في أواخر الثمانينات . ففي ذلك الحين كانت التكنولوجيا القابلة للارتداء جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، ونحن في حاجة إلى دراسة ما يمكن أن تقوم به هذه الحواسيب المحمولة الجديدة بالضبط .

وعلى الرغم من أن إمكانات الصناعة مثيرة للغاية، إلا أن أكثر الأشياء إثارة وإبهاراً حول مستقبل الحوسبة القابلة للارتداء قد يكون أنها قد وصلت بالفعل .