أرشيف يفسد تاريخاً

03:26 صباحا
قراءة دقيقتين
خيري منصور

لو اجتمع ثانية عشرات العلماء والمثقفين العرب تحت مختلف التخصصات، وبينهم الآف الصحفيين، لإعادة النظر في مؤتمر عقدوه على تخوم الألفية الثانية، واستخدموا فيه الخبرات، والحدس، والمعلومات، ليقولوا إن هذا العالم يعيش ثورة كوبرنيكية لتحديد مداها، أو وضع حد لتمددها على الوتيرة ذاتها، لكانت الساعات العشر الأولى من الندوة بمثابة اعتذارات متعاقبة عن كل المقاربات التي كتبت، والمداخلات المتحمسة التي ربما خجل أصحابها منها لأن حماسها يليق بذلك الانفجار الميديائي، وبالمعجزات التي لم يدرك منها المثقفون غير التلويحات الوداعية الخجولة لثقافة كلاسيكية، ورؤى، ومعالجات، مع موعد محتم مع المتاحف الورقية .
لكن النعمة التي أعطتنا إياها الطبيعة طالما حرستنا من مثل هذه الصواعق والصدمات، ومن استحملوا عودة سبعة جيوش ترفع الرايات البيضاء في زمن سماه محمود درويش زمن القرش الفلسطيني المثقوب، أتاح للناس أن يصدقوا المنجمين ولو كذبوا، فالأقلية غلبت الأكثرية، وشردت أكثرية، وتحول ذوو قربى إلى ذوي بُعدى، واحترب ورثة الدم على زبيبة، أو من تلقى هدية رمزية تذكارية من وحدة عربية انعقدت قبل موعدها بقرن، والآخرون لا يعلمون أن هديته ذهبت لحفيد أحد حكام الطوائف على تخوم الاحتفالات الطائفية في مداخل الألفية الثالثة! أنعود إلى أيام قريبة كانت فيها كلمة تسوية مرادفة للخيانة العظمى، ثم أصبحت مطلباً عزيز المنال، ولن تعود إلى أيام سمع فها الناس الماعز تتهجى أسماء زعماء، والشجر يناديهم من وراء كمائن الحجر؟
أقل من قرن اختصر ثلاثة الآف عام طاف فيها الوثني على المقدس، فما من أرشيف في التاريخ أفرز هذه التناقضات، وساوى بين العصا، والبندقية، والناي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"