هل بدأ الاحتلال يتخلى عن أتباعه؟

00:26 صباحا
قراءة 3 دقائق
المشهد العراقي بجانبيه السياسي والأمني يستمر في طوفان الفوضى والدم، وإذا ما أردنا استطلاع أوضاع أبرز تكتلين فئويين متقابلين في هذا المشهد الذي يخضع لسقف الاحتلال مثلما هو معروف، نرى أن أوضاع هذين التكتلين تسودها حالة من التشرذم والتفكك وانعدام الوزن، بعدما أخفقا في أداء الدور المنوط بهما من قبل الاحتلال في العملية السياسية واستتباعاتها الأخرى. إذ إن قائمة الائتلاف الموحد وحسب توصيف أحد أتباعها باتت مريضة، بينما جبهة التوافق العراقية هي الأخرى تعاني من المرض العضال ولم تعد مؤثرة في الفئة التي تدعي تمثيلها، ومن الطبيعي أن هذا المرض المتفشي في الكتلتين المذكورتين يعود أولاً إلى انغماسهما في خدمة أهداف الاحتلال، والأخير يعي جيداً أن خدم وسدنة الاحتلال على مر التاريخ لايحظون بالاحترام ومتى ما انتفت خدمتهم سوف يتم نبذهم وتجاهلهم الى حد إنهاء وجودهم الشكلي في الساحة التي كانوا يؤدون فيها أدوارهم، وهي أدوار مرحلية وخادمة وفقاً لمتطلبات هذا الاحتلال في المراحل التي يراها مناسبة حسب رؤيته. من المعروف ان قائمة الائتلاف قامت على جماعتي تيار الصدر والمجلس الإسلامي الأعلى بالدرجة الأولى والدعوة والفضيلة بالدرجة الثانية، وهذه الجماعات الأربع كانت منذ بدء تشكيل هذه القائمة يسود التنافر علاقاتها، بل وبعضها منذ أيام المعارضة العراقية السابقة وخصوصاً بين الدعوة والمجلس، لكن مانريد قوله إن الصراع الرئيسي هو بين المجلس الإسلامي الأعلى والتيار الصدري، وهو صراع في حقيقته بين أبناء مراجع الحوزة الدينية السابقين محسن الحكيم ومحمد صادق الصدر، مع التوضيح أن جماعات الائتلاف استغلت الناس البسطاء بإحيائها بعض التقاليد لبسط هيمنتها الدينية في خدمة مصالحها الضيقة وليس لخدمة هذا الطيف من أطياف الشعب العراقي، من واقع ان الشعب العراقي عموماً لم يكن مجتمعاً منغلقاً بقالب التدين، وإنما هو مجتمع منفتح وعلماني النزعة. ومن سخريات الديمقراطية وبغض النظر عن شرعية ممارستها في ظل الاحتلال هو أن تتحكم بها جماعات طائفية لاتؤمن أصلاً بحكم الشعب، وعلى هذا الواقع فإن جماعتي المجلس والصدر لاتعتمدان آلية ديمقراطية في قيادتهما وإنما تلجآن الى آلية وراثية وعائلية تقليدية، فكيف يتسنى لهاتين الجماعتين التعامل مع الشعب تعاملاً ديمقراطياً؟!، وحتى حزب الدعوة الديني الحاكم يتبع في فلسفته السياسية مقولة (حكم الله بواسطة الشعب)، بينما الديمقراطية تعني حكم الشعب بشكل مباشر، أما حزب الفضيلة حديث التكوين والذي خرج من قائمة الائتلاف فهو الآخر يخضع لإشراف شيخ دين هو محمد اليعقوبي الذي كان مهندساً معمارياً وكان أثناء الحرب العراقية الإيرانية هارباً من الجيش حسب اعترافه، وبعد ذلك أصبح من مريدي مرجع حوزة النجف السابق محمد صادق الصدر بعدما تعمم وأصبح من شيوخ الدين. وأما جبهة التوافق التي أشهرت خلافها مع حكومة المالكي الى العلن بعدما سحبت وزراءها من حكومته، تظل هي الأخرى عرضة للتباعد والفوضى والتناقض في المواقف بين جماعاتها، من واقع إنها تضم جماعات مختلفة ايديولوجياً واجتماعياً، وكان الجامع لهذه الجماعات المتباينة في الاتجاهات هو العكازة الفئوية، وهكذا أصبح تحت مظلتها شيخ الدين وشيخ العشيرة والأكاديمي والسلفي والعلماني واليساري والقومي والعسكري والرياضي والليبرالي، وهي بالتالي تضم خليطاً سياسياً واجتماعياً لايجمعه سوى التموضع الفئوي. واللافت في هذه الجبهة هو، أن الحزب الإسلامي (الاخوان) الذي كان يتزعمه الكردي محسن عبدالحميد والذي آلت زعامته الى طارق الهاشمي الذي هو من إصول تركية، بدا موقفه من باقي جماعات الجبهة متمايزاً، واستمر على هذا المنوال عندما أقام تحالفاً مع الأكراد، على الرغم من أن موقف جبهة التوافق المعلن كان ضد الدستور والفيدرالية، وهو موقف يتعارض مع الممارسات الانفصالية الكردية، واللافت سواء في الائتلاف أو الجبهة هو ان أبرز المنغمسين في مشروع الاحتلال عبر العملية السياسية هم من اصول إيرانية وباكستانية وهندية وتركية وأذربيجانية وكردية، بينما العنصر العربي العراقي المتورط في هذا المشروع لاتزيد نسبته على الثلاثين في المائة[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"