الموقع الجديد لبنك دبي الوطني في لندن (2)

كشاكيل ملونة
12:48 مساء
قراءة 3 دقائق

كان المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، أكثر الناس سعادة وسروراً بإنجاز هذا العمل غير العادي في تلك الأيام، وهو وجود مؤسسة مالية تعتمد عليها دبي في انجاز مشروعاتها العمرانية.. وفي الوقت ذاته نجاح الشيخ راشد نفسه في الوصول إلى حل يواجه به الامتياز الذي يتمتع به البنك البريطاني الذي قيد دبي وجعلها لا تستطيع السماح لأي بنك أجنبي غير البنك البريطاني، بفتح فرع له في دبي.. والحل هو أن تقوم شركة، مساهمة وطنية بإنشاء بنك وطني، ولذلك أسقط في يد البنك البريطاني ولم يستطع الاعتراض القانوني على وطنية المؤسسة الجديدة حيث إن اتفاقه مع حكومة دبي ينص على عدم السماح لبنك أجنبي، وهذا البنك الجديد وطني صرف يملك غالبية اسهمه مواطنون إماراتيون من دبي وبقية الإمارات التي كانت تشكل في ذلك الوقت الإمارات المتصالحة السبع SEVEN TRUCIAL STATES أو الإمارات العربية المتحدة الحالية.. وكان المغفور له علي عبدالله العويس، عميد آل عويس في دبي والشارقة، أكبر المساهمين في اسهم البنك، وكان مرشحاً لرئاسة مجلس إدارة البنك الجديد لولا أن المنية عاجلته عام 1963م، وخلفه ابنه الأديب والشاعر المعروف سلطان علي العويس الذي كان رئيساً لمجلس إدارة البنك حتى وفاته عام 2000م وكان سلطان رحمه الله الذي كان وأسرته يمتلك ما يقرب من 25% من أسهم البنك، ركناً مهماً من الأركان التي اعتمد عليها البنك في مسيرته نحو النمو والانتشار وكسب السمعة التجارية الدولية المهمة.

ونعود إلى ما تمت الإشارة إليه من أن المغفور له الشيخ راشد بن سعيد كان سعيداً بوجود مؤسسة مالية كبنك دبي الوطني في دبي ينافس مؤسسة شرسة للنفوذ الإنجليزي هي البنك البريطاني والذي كان يقف حائلاً دون نمو التجارة ودون اعتماد التجارة على مؤسسات تجارية وطنية، وكان البنك البريطاني قبل تأسيس بنك دبي الوطني وانتشار البنوك بعد ذلك في الإمارات يمتنع عن تمويل أي مشروع تنموي، ورفض كما هو معروف تمويل مشروع حفر الخور في بداية الخمسينات، ولم يصدر خطابات ضمانات لحكومة الكويت التي تم اقتراض مبلغ ستمائة ألف جنيه استرليني منها لهذا المشروع، إلا بعد أن رهنت حكومة دبي دائرة الجمارك ودخلها لدى البنك وكانت دائرة الجمارك لا تستطيع أن تسلم للتاجر ما يستورده عن طريق الجمارك إلا بعد استلام البنك لرسوم الجمارك من التاجر واستلامه المخالصة من البنك.. وكان مشروع حفر الخور وتعميقه وتسهيل رسو السفن ذات الغواطس العميقة على ضفتيه، يعد تحولاً مهماً في ازدهار تجارة دبي وجعلها أحد الموانئ الكبرى في الشرق الأوسط في مستهل النصف الثاني من القرن الماضي.

وكما كانت دبي سباقة في إقامة المؤسسات التنظيمية من إدارية وغيرها..في هذا الجزء من الخليج، إمارات ساحل عُمان، منذ إنشاء أول مؤسسة حكومية تنظيمية أقامها الشيخ مكتوم بن حشر عام 1901م، وهي مؤسسة الجمارك أو (الفرضة) كما كانت تسمى في ذلك الوقت على خور دبي، و(الفرضة، اسم عربي لمكان.. رسو السفن) كما يقول بذلك الجاحظ (عمرو بن بحر الجاحظ)، كانت دبي أيضاً سباقة لإنشاء أول بنك وطني يقوم برأسمال وطني يسهم فيه أهل الإمارات وبعض الخليجيين من الكويت وغيرها عام 1963م.

وكان المغفور له الشيخ راشد بن سعيد لا تسعه الفرحة لقيام هذه المؤسسة المالية، أو القاعدة المالية الضخمة، أو السارية الشاهقة التي يعلوها علم الإمارات الاقتصادي خفاقاً، أو كما تقول الشاعرة العربية،

كأنه علم في رأسه نار.

وللحديث صلة غداً إن شاء الله

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"