بيت الشعر يهز غصن الإبداع في القاسمية

01:21 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

عشنا مع مهرجان الشارقة للشعر العربي مؤخرا أمسيات صاخبة، تتغنى بالشعر ويتألق خلالها الشعراء على وقع أنغام السحر، كلماتهم تشق الفضاء وتسبح إلى عوالم النور، ومن خلال هذا الوهج، الذي يظلل الحياة الأدبية، ويبث فيها عطر الألحان، والحكايات العابرة وقف بعض شعراء العالم العربي ضيوف المهرجان على منابر الجامعة القاسمية في الشارقة؛ ليبثوا النغم في نفوس الشباب، وهي المرة الأولى التي تستضيف هذه الجامعة العريقة فرسان المهرجان، في خطوة غير مسبوقة.
إذن وقف الشعراء وأدهشوا، وعبروا بالكلمات عن قضاياهم التي لا تنفلت عن الواقع، ولا تبتعد عن الحياة، رغم موجات الخيال التي تنتشي بها القصيدة، فالعطر النافذ في الأرجاء كفيل بأن يعيد الشباب إلى زمن الشعر الحقيقي.
إن هذه المبادرة التي أطلقها بيت الشعر في الشارقة، من خلال المهرجان، تؤكد تجدده وتطوره ونزوعه إلى إشباع رغبة التلقي لدى جمهور الشباب، الذي تنفس شعراً نقياً لا تحده الحدود ولا يقصيه شيء، لقد كانت تجربة على تخوم الشعر جديرة بأن نراها بمنظور آخر ونقيمها بما ينبغي، فلقد عشنا واحدة من الأصبوحات الشعرية العجيبة، التي تحرك رياح الخيال في هذا الفضاء العريض للشعر، وتدعو لتقييم هذا اللقاء على ضوء النجاح الذي حققه.
يسعى المهرجان لترسيخ القصيدة في المؤسسات التعليمية؛ كونها منارة لاستقبال الشعر، وتؤسس لثقافة نوعية على ضفاف الإبداع، ولا يمكن أن ننسى في هذا المضمار مدى السعادة التي انتابت ضيوف المهرجان، في أثناء هذا اللقاء المتميز والاستثنائي، وكذلك الحفاوة، والتقدير الذي لامس أرواحنا من قبل إدارة الجامعة ومديرها الذي سخر كل الطاقات وفرش أرضها ورداً، لتعلن عن حفلة فرح عارم، واستقبال بهيج، وتعاون متصل، فمثلما بدأ الشعر في الشارقة يتسلل بخفة ويجري نهر القصيدة في جداول تغادر المصب لتعبر الآفاق وتطوف في مدن استقبلته بنشيد الفرح وأغاني اللقاء، من خلال مبادرة بيوت الشعر، والفعاليات الشعرية في أرجاء العالم، فها هو الشعر يواصل سيره في دروب الألق، ويستمر في تجسيد دوره الذي ينشده الوجدان العربي، ليخرج من بيت أسس من أجل أن تجري في جداوله مياه القصيدة، وتجلس في ديوانه أرواح البلغاء، وتغرد على أشجاره طيور الشعراء، فبيت الشعر في الشارقة يسير محفوفاً بمباركة مَنْ أسَّسه، ودعاء مَنْ أراد له أن يصل إلى مراتب الكمال، ويعرج إلى سماوات الحلم، ويغازل نجوم المجد، ليرسم للشعراء مسارات السعد، ويعبر بهم في دروب مفروشة بالورد.
ها هو البيت يمد العطاء في تكامل معرفي، ضمن رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، ليدخل قلعة العلم ومنارة المعرفة، ويؤكد حضوره الأنيق ومقدرته الفذة على التمازج في نسيج المؤسسات التعليمية والأكاديمية، متكاملاً معها في شارقة العلم ومنارة الشعر، فالشعر في الشارقة غيمة ماطرة، ونهر لا ينضب، وشجر وارف الظلال، وغصن تهوي إليه عصافير البوح، لتعلن عن حفلة الكلمة وعرس الشعراء.
لقد حقق المهرجان نجاحه المعهود، واستطاع من خلال فعالياته أن يستثمر وهج القصيدة في التفاعل مع الجمهور في أرقى صورة، لتتواصل مسيرة بيت الشعر ومبادرة بيوت الشعر، وتغمر العالم العربي بكل الحفاوة، فقد انفتح الشعر العربي على كل المسارات، وأصبحت أحلام الشعراء حقيقة، من خلال التدفق الإعلامي غير المحدود، وهو ما يكمل منظومة الشعر العربي الحديث، ويطلق العنان للجيل الجديد، مع الاستفادة من خبرات المخضرمين أصحاب القامات العالية، ولنا أن ندين بالفضل لصاحب السمو حاكم الشارقة على كل مساحات الفرح التي جدد بها مسيرة الشعر العربي في هذا العصر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"