صواريخ كيم ومحنة ترامب

03:30 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

عادت كوريا الشمالية إلى تجاربها الصاروخية بعد توقف دام أكثر من 18 شهراً، عندما بدأ التواصل بين بيونغ يانغ وواشنطن، وعُقدت قمتان بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جون أون في سنغفافورة ثم في هانوي. ولم تسفر القمتان عن شيء يذكر، لكن عودة التجارب الصاروخية يمكن أن تكون بحد ذاتها سبباً يعيد التوتر الذي كان سائداً قبل القمتين.
ترامب، الذي يطمح ألا تطير «الصفقة» من بين يديه، سعى إلى التقليل من شأن صواريخ بيونغ يانغ الجديدة. وقال: إن كيم جونغ أون «لن يخلف وعده»، وإن «الاتفاق بين الجانبين سيتم»، مجدداً إيحاءه بأن كوريا الشمالية ينتظرها ازدهار اقتصادي رائع إذا غيرت سلوكها. لكن مراقبين للوضع في شبه الجزيرة الكورية يؤكدون أن التجارب الصاروخية ليست مجانياً، وإنما بعثت برسالة إلى ترامب تتضمن رفضاً للشروط الأمريكية المقترحة لإنهاء القضية النووية، من دون أن يصل هذا الرفض إلى درجة القطيعة، فالزعيم الكوري الشمالي يريد في الوقت الراهن تصعيد الضغط على نظيره الأمريكي للعودة إلى المفاوضات، وعقد قمة ثالثة بينهما بشروط جديدة لإيجاد تسوية بشأن تخفيف العقوبات، على الرغم من أن الخط البياني للأزمة يشير إلى مزيد من التوتر، إلا إذا استجاب ترامب، وقدم تنازلات مؤلمة للحفاظ على ما يسميه «أكبر إنجاز دبلوماسي» لإدارته.
وبالنسبة إلى الرئيس الأمريكي، فإن خسارة هذا «الإنجاز» أكثر ما يخشاه، لأنه الإنجاز الوحيد الذي يمكن أن يحققه في ولايته، وقد لا يحقق شيئاً آخر غيره.
هناك من يقول: إن الزعيم الكوري الشمالي أصبح على يقين بأنه لن ينال شيئاً من الرئيس الأمريكي. لذلك قرر التواصل مع أكبر حليفين له روسيا والصين المنافسين الدوليين للولايات المتحدة.
ومنذ اللقاء بين كيم والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة فلاديفوستوك الشهر الماضي، بدأت بوادر التوتر، وظهرت نوايا التصعيد من الجانب الكوري الشمالي، عبر بعض التصريحات العنيفة ضد واشنطن، ثم بالتحرك العسكري وإطلاق التجارب الصاروخية الأخيرة.
وبهذا التطور تتأكد المعادلة القائلة بأن أزمة كوريا الشمالية ليست معزولة، بل لها صلة بكل الأزمات محل الصراع والتجاذب بين القوى الكبرى، مثل الوضع في فنزويلا والتجارة الدولية وقضايا الشرق الأوسط المختلفة.
ربما تشهد الأسابيع المقبلة مزيداً من التوتر، وقد يتراجع منسوب التفاؤل إلى أدنى مستوى، فليس هناك شيء ثابت في المصالح الدولية. أما أكثر الأطراف قلقاً، فهو الرئيس الأمريكي الذي يراهن بكل قواه على نجاح مساعيه، فضياع فرصة الاتفاق مع كوريا الشمالية ستضعه في محنة يترتب عليها فشل سيناريوهات أخرى كلفت الولايات المتحدة الكثير من الجهود الدبلوماسية والضغوط والإكراهات.
وبالمقابل ستكون دول مثل روسيا والصين مرتاحة لأي فشل أمريكي، ربما لدفع البيت الأبيض وسيده إلى إعادة الحساب لمعالجة أزمات العالم بفلسفة جديدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"