عشماوي في قبضة مصر

04:00 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

كان متوقعاً أن يقع الإرهابي هشام عشماوي في قبضة مصر منذ أن اعتقلته قوات الجيش الليبي الخريف الماضي في مدينة درنة التي اتخذها المتطرفون لسنوات عاصمة للإرهاب في شرق البلاد. وجاءت عملية تسليمه للقوات الخاصة المصرية تأكيداً على أن الحرب على الإرهاب مستمرة، وأن يد العدالة والقصاص لا بد أن تصل إلى المطلوبين مهما تواروا وتحصنوا.
من أسس العدالة ألا تضيع حقوق الضحايا، وعلى الدولة والمجتمع ملاحقة الجناة وتقديمهم للمحاكمة لينالوا ما يستحقون من قصاص. وقد شهدت مصر في الأعوام الأخيرة جرائم إرهابية مروعة استهدفت رجال الجيش والأمن ومساجد وكنائس ومسؤولين ومرافق حيوية، وأقل حصيلة إجمالية للضحايا تتحدث عن آلاف الشهداء، وما تبعها من خسائر كبيرة أضرت بالاقتصاد، فضلاً عن حملات التشويه والتحريض التي تطلقها أبواق خارجية. وبكثير من الصبر وضبط النفس ورباطة الجأش، تمكنت مصر من تجاوز المرحلة الأصعب، واستمرت في التعمير وبناء المشاريع الحضرية الكبرى، وعلى الرغم من جحود البعض وجهل الآخرين، سيبقى ما أُنجِز من علامات التاريخ الشاهدة على مرحلة مخاض صعبة، اتسمت بتداخل أوضاع سياسية وفكرية متناقضة، وأجندات متعددة المرجعيات أطبقت على المنطقة العربية، وليس على مصر فحسب، وتمثل النجاة من هذه المرحلة الكئيبة نصراً يستحق التوقف عنده حين يكتمل.
جميع الشهداء الذين سقطوا في مصر كانوا ضحايا جرائم إرهاب تتعدى أهدافها قتل الأنفس إلى تدمير البلد، وهو مخطط معلوم للجميع منذ إطاحة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011، وقيام نظام الإخوان حتى الثورة عليه وإسقاطه في ال 30 من يوليو 2013. ومنذ ذلك التاريخ عانت مصر من الإرهاب والتآمر، بظهور مجاميع للمتطرفين في سيناء شرقاً، واضطراب الجارة الغربية ليبيا التي اكتسحتها التنظيمات الإرهابية، وأقيمت داخلها كيانات إجرامية استقطبت مئات الإرهابيين، من بينهم هشام عشماوي. فهذا المدان مسؤول عن دماء الشهداء العسكريين في مجزرتي الواحات البحرية والفرافرة، ومتورط في اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وغير ذلك من الجرائم التي أحرقت أكباد مئات الأسر المصرية. ولا شك أن ذوي الضحايا والشهداء يشعرون بالارتياح لرؤيتهم أحد قتلة أبنائهم رهن الأصفاد في انتظار المحاكمة والقصاص.
وتنويهاً بالإنجاز وتصميماً على المزيد، أشاد الرئيس عبدالفتاح السيسي برجال مصر البواسل، متعهداً باسترجاع حقوق الشهداء، كما أكد أن الحرب على الإرهاب لم تنتهِ، وهي كذلك بالفعل. وربما تستفيد الأجهزة المصرية من معلومات يمتلكها عشماوي عن جرائم وقعت وخطط كانت ستقع لتنفيذها انطلاقاً من ليبيا، أو عبر تحريك الخلايا الإرهابية داخل مصر. ولذلك تفرض هذه المرحلة بالتحديد مزيداً من الحيطة والحذر، فربما سيحاول الإرهابيون يائسين إلحاق الأذى بمصر رداً على استعادة عشماوي، لينال الجزاء الذي يستحق.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"