في رحيل التراثيين

04:50 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله محمد السبب

الأربعاء 18 سبتمبر 2019، 19 محرم 1441 ه، كان موعداً حاسماً في مسيرة الميدان التراثي الإماراتي. ففي هذا اليوم أعلن رحيل الوالد عبدالله علي الحياي، رحمه الله؛ آخر رواد فن «الوهابي» في «الرمس»، فقد قام برعاية ونقل جوهر إبداعه إلى جيل الشباب الذي لم يتوان عن الأخذ بزمامه والسير به نحو الغد.
وممن رحلوا قبله من روّاد هذا الفن العربي الخليجي الإماراتي الأصيل محمد الوصلة، وسعيد شلشول، وحسن البغار الشحي، وحسن عبيد السنيدي، رحمهم الله جميعاً وطيب ثراهم. نعم، رحل الرائد التراثي عبدالله علي الحياي ملتحقاً بمن ارتحلوا قبله من روّاد هذا الفن العربي الخليجي الإماراتي الأصيل.

راحوا هل الشلات والفن الأصيل
                        وأدرك «الوهّابي» فنه ينحسر
وانتفض في «الرمس» شبّان جزيل
                        هم على الطّولات سد وذخر
واعلنوا أنه من سابع مستحيل
                       التراث المخلّف علينا يندثر
سوف يبقى جيل بعد جيل
                      ساسه المبني أصلب من الحجر
راسخ مجده لا يلين ولا يميل
                      حي في ناسه وفنه مزدهر

هكذا أبرق الشاعر علي صالح الطنيجي بكلماته ومشاعره الحريصة على «الوهابي»؛ هذا الفن الإماراتي الأصيل، وعلى غيره من الفنون التراثية التي تجب المحافظة عليها والعمل على ديمومتها جيلاً بعد جيل.. وهكذا نتوجه بالدعوة إلى الجهات المختصة المعنية بالتراث المادي منه والمعنوي؛ حيث يتطلب الأمر تشكيل لجان ذات اهتمام، ومن واجباتها القيام بزيارات إلى الجمعيات التراثية في مختلف إمارات ومدن ومناطق الدولة، هدفها الالتقاء بالآباء والأجداد للظفر بما لديهم من تراثيات قولية في مختلف الفنون التراثية (أشعار، حكايات، أمثال، ألغاز، أحاجي)، وما إلى ذلك من تراث معنوي غني بالقيم والمعاني العربية الخليجية الإماراتية الأصيلة، وكذلك تشكيل لجان نسائية من ذوات الاختصاص والاهتمام التراثي، من شأنها القيام بزيارات إلى مختلف مناطق الدولة، تقصياً لأثر الأمهات والجدات ممن مازلن يحتفظن بمخزون تراثي في ذاكرتهن وصدورهن للظفر به قبل أن يتكالب عليه النسيان أو تحين ساعة رحيلهن من الحياة، دون تدوين ما لديهنّ من مخزون تراثي ثري.
الوطن غني بتراثه المتناثر هنا وهناك، وغني بطاقاته الشبابية المستعدة لجمعه وانتشاله من الضياع والنسيان أو ارتحال الآباء والأمهات والجدات من الحياة، والوطن غني أيضاً بإمكانياته المادية الكفيلة بصون التراث والمحافظة عليه ونشره بين الأجيال، وتعريف المجتمعات الأخرى به، بوصفه ثروة معنوية ومادية تراثية، وكتابته جزء لا يتجزأ من التاريخ العربي الخليجي الإماراتي الممتد على مر أزمنة ناصعة وأمكنة راسخة في خريطة الحضارة الإنسانية العالمية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"