استفتاء كردستان ودور «إسرائيل»

02:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم
مع تزايد الحديث، وردود الأفعال على الاستفتاء الكردي في إقليم كردستان العراق يوم 25 الحالي، وتجاوز ردود أفعال العراق والإقليم، وصولاً إلى المستويين العربي والدولي، حيث عبرت العديد من القوى العربية والإقليمية والدولية، عن قلقها إزاء هذه الخطوة الكردية، التي تؤكد كل المعطيات السياسية، على أنها قد تفجر صراعات جديدة في المنطقة.
والمتابع لهذه المسألة يلمس أن الرفض الواسع لإنشاء دولة كردية، نابع في الواقع من إيمان الرافضين لهذه الدولة بأن توقيت الاستفتاء يأتي في مرحلة من التوتر والقلق الإقليمي والدولي، يجعل من هذه الخطوة مثل صب الزيت على النار، فضلاً عن أنها تأتي في وقت أحوج ما تكون فيه المنطقة والعالم لتكاتف القوى في محاربة الإرهاب، الذي يهدد المنطقة والعالم بأسره، وأن فتح أي جبهة صراع جديدة من شأنه أن يضعف القوى التي تقاتل الإرهاب، وتسعى للقضاء عليه، والمتمثل بتنظيم «داعش» الإرهابي وأمثاله، إضافة إلى أن هذا الاستفتاء من شأنه أن يفتح الباب أمام حركات انفصالية أخرى في بعض الدول العربية، الأمر الذي قد يطلق موجة من الصراع، ويهدد مستقبل العراق، وغيره من الدول العربية.
وتبدو القضية أكثر تعقيداً، إذا ما علمنا أن خطوة الاستفتاء هذه تأتي بعد خروق دستورية عدة قام بها الإقليم، ويحاول اليوم شرعنتها، وأهمها قيامه بتصديره النفط العراقي من دون التنسيق مع الدولة، إضافة إلى سيطرة الإقليم على المنافذ الحكومية، وعدم تسليم وارداتها للحكومة المركزية التي تمنح نسبة 17 في المئة من الموازنة لحكومة الإقليم. فضلاً عن استغلال البيشمركة الكردية المدعومة أمريكياً، الظرف بعد دخول «داعش» إلى المدن العراقية في 2014 وحسم حكومة الإقليم قضية المناطق المتنازع عليها من جانب واحد، ولا سيما محافظة كركوك وآبارها النفطية، حيث فرض الإقليم الأمر الواقع على الدولة العراقية، مستغلاً الحرب التي تدور ضد «داعش» في العراق. وهذا كان واضحاً من خلال تصريح البرزاني بأن قوات البيشمركة «لن تنسحب من هذه المناطق، وأن الحدود ترسم بالدم».
ولعل من المؤسف جداً أن تأتي هذه المواقف الانفصالية لأكراد العراق، التي تهدد هذا البلد العربي بالتقسيم، في وقت يلعب فيه الأكراد في سوريا لعبة مشابهة، مستغلين الحرب على «داعش» هناك، للتمدد في مناطق تصل إلى أقاصي الشرق السوري في دير الزور، حيث منابع النفط المهمة.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أنه، ورغم الرفض المعلن للكثير من القوى الإقليمية والدولية، فإن أي متابع لهذا الشأن يرى بوضوح ملامح الأصابع «الإسرائيلية» في هذه التوجهات الانفصالية، التي إن تفاقمت لن تؤدي إلا إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات هشة، وهو هدف «إسرائيلي» قديم.
ومن يتابع المشهد في كردستان لا يحتاج إلى مزيد من الفصاحة كي يعرف مستوى الدور «الإسرائيلي» في هذه الأزمة، حيث تشير كل المعلومات الاستخبارية والإعلامية إلى تنامي الوجود «الإسرائيلي» في كردستان، وإلى دعم «إسرائيلي» كبير لإقامة كيان كردي في شمال العراق، وهو في الحقيقة دعم ليس بجديد، فقبل أعوام، وحين كانت المنطقة العربية تغوص في وحل من الخلافات السياسية، خرج رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، بتصريحات أعلن فيها دعم «تطلع الشعب الكردي لتحقيق مصيره وإقامة دولته المستقلة»، ليعود مجدداً إلى تأكيد الموقف مع اقتراب حدث استفتاء الانفصال.

كما شهد يوليو/‏تموز 2014 اتصالاً من وزير الخارجية «الإسرائيلي» السابق، أفيجدور ليبرمان، بنظيره الأمريكي جون كيري، وحثه على تغيير موقف واشنطن من استقلال كردستان، على اعتبار أن العراق مقسم عملياً، في حين عاد نتنياهو إلى تجديد دعم بلاده لاستقلال إقليم كردستان، مع اقتراب موعد إجراء الاستفتاء، في تغريدة له قال فيها إن بلاده «تدعم الجهود المشروعة التي يبذلها الشعب الكردي من أجل الحصول على دولة خاصَّة به».
من كل ما تقدم يمكن القول، إن الخطوة الكردية، نحو الانفصال، ليست إيجابية أبداً، في هذا الوقت، وإنها تدعو إلى الريبة أيضاً، إذا ما أخذنا موقف «إسرائيل» الداعم لها في الاعتبار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"