القيادة في الأزمات

04:24 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

يقول فرانكلين روزفلت: «الشيء الوحيد الذي يجب أن تخافه هو الخوف»، إلا أننا نعيش أوقاتاً يصعب فيها ألا يتحول كل شيء إلى مصدر للقلق، خصوصاً بالنسبة لأولئك الذين يحتلون مواقع قيادية وإدارية حساسة، في لحظات سقط فيها كثير من الشعارات واضمحلت الأفكار، وأصبح كائن فيروسي عصي على المضادات والاحترازات، يعيث فساداً في البشر والأنظمة ويُجبرنا على مواجهة الحياة بغير ما اعتدناه.
وبالنسبة لقادة الأنظمة والمؤسسات والرأي، هذا وقت يبرز فيه الأصيل والحكيم والجريء والإنساني، كما تتكشف زوايا الضعف التي كانت تتوارى خلف الشاشات والمنابر ومقالات الرأي، محصنة من النقد وإساءة الفهم، على اعتبار أنها كانت تصدر من العارفين والمتخصصين في شؤوننا الاجتماعية والاقتصادية والصحية، القادرين على استشراف مستقبل هذه الأرض وما يحمله لنا من مفاجآت، وقد كنا بحاجة لأزمة كهذه، حتى يعود الحق لأصحابه من أهل العلم والتجربة والفكر والفلسفة، وحتى الشعر، فهم وحدهم من كانوا مستعدين لتقبل الفكرة والتعايش معها، ولم يحتاجوا للنزول من على منابره.
القيادة الحقيقية التي نحتاج إلى أن نعيد الالتفات إليها في أنفسنا ومجتمعاتنا ومؤسساتنا، هي تلك المبنية على الحكمة والتوازن حتى في أكثر الظروف إثارة للفزع نحن الذين تفزعنا أصغر الأشياء حيث تنتشر الأخبار المزيفة والشائعات وأنصاف الحقائق بطبيعية غير معهودة، ويُجيد مُطلقوها ومروِّجوها تبني الأفكار ونشرها كأصدق ما تكون، وهنا يأتي دور قادة الرأي ليتعاملوا مع المصادر المختلفة وسيل المعلومات بآلية فيها من الفرز والتصنيف، والتحليل وإعادة التدوير، الشيء الكثير.
هذه الكارثة منهكة وحارقة للمراحل ومزعزعة لحالة الثبات الظاهرية التي استمرت زمناً، كما أنها مصدرة للمسؤوليات بالنسبة للقائد الذي يتحمل عبئاً كبيراً، يتعلق باتخاذ القرارات الحاسمة والسريعة، بناء على المعطيات الدقيقة التي يمتلكها، وربما اضطره الأمر إلى دراسة الوضع وإجراء البحوث والقراءة أكثر في كل المصادر المتاحة، واستشارة أصحاب الخبرات، حتى يتحلى بالجرأة في تحديد ما يجب فعله وما يجب إيقافه، وتشمل هذه الخطوة الصعبة المشاريع والموارد والوظائف.
المطلب الرئيسي من أي قائد اليوم، هو بث الاطمئنان بين الأفراد وفرق العمل المختلفة، وتشجيعهم ومنحهم الفرص للابتكار والتعلم والتجريب، وإعادة تحديد أهدافهم المهنية، وإنعاش غاياتهم حتى يكونوا أعضاء فاعلين ومؤثرين، ولنا في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خير مثال وقدوة، حين طمأن الملايين بجملة «الغذاء والدواء خط أحمر»، فنسف بذلك كل مخاوفهم وأعاد لهم الثقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"