لماذا أساء بيل غيتس الفهم؟

03:53 صباحا
قراءة 3 دقائق
في استعراضه لكتاب نينا مونك العامر بالأخطاء والبيانات غير المحدثة، يهجر بِل غيتس على نحو غريب النهج الصارم، الذي يميز العمل القَيم الذي تقوم به مؤسسته، في التعامل مع القياس والتقييم . فهو ببساطة يقبل تأكيد مونك أن مشروع قرى الألفية وهو مشروع التنمية المستمر عبر أكثر من عشرين بلداً إفريقياً قد فشل . فالحق أن المشروع مزدهر .
الواقع أن هذه السذاجة محيرة . فكتاب مونك لا يغطي سوى جزء ضئيل للغاية من النصف الأول من مشروع يمتد عشر سنوات، وقريتين فقط من أصل 12 قرية . وهي لم "تُقِم لفترات مطولة في قرى الألفية" . فقد أنفقت مونك في المتوسط ستة أيام في السنة نحو 36 يوماً على مدى ست سنوات في زيارة القرى، وعادة لمدد تراوح يومين إلى ثلاثة أيام . وعلاوة على ذلك، تناولت مونك القصة باعتبارها مراسلة لمجلة "فانيتي فير" بلا أي تدريب أو خبرة في الصحة العامة أو الهندسة الزراعية أو الاقتصاد أو التنمية الإفريقية .
والأسوأ من ذلك أن ملاحظات مونك تبدو في كثير من الأحيان شديدة المبالغة، على أقل تقدير، لجعل سردها مؤثرا . فهل يعتقد غيتس حقاً أنني دعمت زراعة محاصيل معينة دون أن أشغل نفسي بالتعرف إلى ما إذا كان تسويقها ممكنا، أو أنني لم أضع النظام الضريبي الوطني في الحسبان في تقديمي للمشورة المستمرة لقادة الحكومات؟ علاوة على ذلك، فإن الاستراتيجيات والاختيارات الزراعية في مشروع قرى الألفية كانت تحت قيادة خبراء زراعيين أفارقة، وهم من بين الأفضل في إفريقيا وفي كثير من الأحيان يعملون جنباً إلى جنب مع هيئة الموظفين القائمين على المشاريع الزراعية التابعين لمؤسسة بل غيتس في التحالف من أجل ثورة خضراء في إفريقيا .
وأظن أن بِل سوف يسعده أن يعلم أن مشروع قرى الألفية سوف يخضع لتقييم لائق وبشكل مهني في العام المقبل في الوقت المحدد لإتمامه (وبالتزامن مع نهاية العمل بالأهداف الإنمائية للألفية في عام 2015) . وسوف يستند التقييم إلى بيانات ضخمة للغاية تم جمعها على مدى العقد الماضي، وإلى بيانات مسح موسعة جديدة سوف يتم جمعها في عام 2016 . فضلاً عن ذلك، سوف يتضمن التقييم مقارنات مع مناطق محيطة بقرى الألفية . والواقع أنني آمل أن تساعد مؤسسة بِل وميليندا غيتس في تنفيذ أعمال المسح المفصلة التي تخضع لإشراف مستقل واللازمة لإجراء التقييم الكامل لهذا المشروع المعقد .
واسمحوا لي أن أقدم المزيد من الأنباء السارة، استناداً إلى البيانات التفصيلية حول تقديم خدمات الصحة المجتمعية، ومعدلات المرض، والوفيات، والتي يجمعها مشروع قرى الألفية كل شهر . فقد انخفضت معدلات الوفيات بشكل حاد في قرى الألفية . والواقع أن الأدلة الحالية، التي من المقرر أن تخضع للفحص بمزيد من التفصيل في العام المقبل، تشير إلى أن الهدف الجريء المتمثل في خفض معدل الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة إلى أقل من 30 وفاة لكل ألف ولادة قد تحقق بالفعل أو بات في المتناول بحلول عام ،2015 وبتكاليف منخفضة للغاية تحملها النظام الصحي .
الواقع أن انتشار نهج قرى الألفية على هذا النحو في مختلف أنحاء إفريقيا يدل على أن الزعماء السياسيين والمجتمعيين الأفارقة يرون أن الأساليب والاستراتيجيات والأنظمة التي يستعين بها مشروع قرى الألفية مفيدة للغاية في مكافحة الفقر في المناطق الريفية في إفريقيا . والحق أن كتاب مونك يعتمد على بيانات غير محدثة ويخفق في إصابة الهدف الصحيح . وأنا أدعو بل غيتس إلى لزيارة واحد أو أكثر من مواقع قرى الألفية في رحلة قادمة إلى إفريقيا، لكي يرى بأم عينيه لماذا يشكل هذا النهج كل هذه الأهمية العملية في مختلف أنحاء القارة .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"