نفط ليبيا واستقرار السوق

00:49 صباحا
قراءة 4 دقائق
اذا التزمت الأطراف الموقعة على اتفاق المنتجين للنقط فإن سحب الفائض يظهر أثره بعد نهاية الربع الأول من العام المقبل فيعادل بالتالي اختفاء الزيادة الموسمية في الطلب ما يحول دون هبوط الأسعار عن مستواها الحالي .
مع التأكيدات بعودة حقلي الفيل والشرارة في غرب ليبيا للإنتاج، وإعادة تشغيل خطوط الأنابيب التي تربطهما بموانئ التصدير، يمكن أن يزيد إنتاج ليبيا من النفط على مليون برميل يوميا بما يضيف نحو نصف مليون برميل إلى سوق النفط العالمية. ومن شأن ذلك، إضافة إلى احتمال عودة بعض إنتاج نيجيريا المتوقف إلى السوق أن يعادل القدر الأكبر من الفائض الذي يحاول المنتجون سحبه من السوق باتفاق بين أوبك والمنتجين من خارجها.
ورغم أن ليبيا ونيجيريا تم استثناؤهما من اتفاق أوبك بسبب «المشاكل الداخلية» في كلا البلدين، إلا أن إنتاجهما في النهاية يدخل في حساب معادلة العرض والطلب في سوق النفط. وإذا كانت أوبك وضعت سقفا للإنتاج عند 32.5 مليون برميل يوميا محاولة سحب مليون برميل يوميا من فائض العرض في السوق واتفقت مع المنتجين من خارجها على سحب نحو نصف ذلك الكم، فإن أي زيادة في العرض ولو بعدة آلاف يمكن أن تهز استقرار السوق.
وحسب أغلب التقديرات فإن فائض العرض في السوق العالمية يتراوح ما بين مليون ومليوني برميل يوميا، وبالتالي فإن سحب مليون إلى مليون ونصف المليون برميل يوميا (هذا في حال التزام اعضاء أوبك والمنتجين من خارجها باتفاق نهاية نوفمبر) يكاد يعيد الاستقرار إلى السوق. والآن بلغ إنتاج نيجيريا 1.8 مليون برميل يوميا (بزيادة نحو ربع مليون برميل يوميا عن أدنى مستوى ترجع إليه مؤخراً). وتحتاج نيجيريا إلى إضافة نحو 400 ألف برميل يومياً لتعود إلى مستوى إنتاجها قبل الاضطراب في منطقة دلتا النيجر الغنية بالنفط حين كان إنتاجها عند مستوى 2.2 مليون برميل يوميا.
منذ استعاد الجيش الوطني الليبي السيطرة على الموانئ النفطية في الشرق، المعروفة باسم منطقة الهلال النفطي، من أيدي ميليشيات إبراهيم الجضران (القائد السابق لحرس المنشآت النفطية) في سبتمبر بدأ الإنتاج الليبي يتدفق بشكل معقول. ورغم المحاولة الفاشلة لاستعادة الميليشيات السيطرة على الهلال النفطي إلا أن مستويات الإنتاج مستمرة في الزيادة، وتصل الآن إلى نحو 600 ألف برميل يومياً مقابل 250 ألف برميل يوميا في أغسطس.
ما يمكن اعتباره أمراً إيجابياً أن حقول نفط المنطقة الغربية، ومنها حقلا الفيل والشرارة، تحت سيطرة جماعات من الزنتان تعتبر الجيش الوطني الليبي هو جيش ليبيا ولا تتخذ منه موقفا مثل مواقف ميليشيات طرابلس ومصراته. وذلك قد يعني أن عودة الإنتاج من الحقلين وتشغيل خطوط الأنابيب إلى الساحل ربما يرفعان إنتاج ليبيا بنحو 400 ألف برميل يوميا.

بالطبع يظل الوضع في ليبيا غير مأمون الجانب في ظل تناحر الميليشيات فيما بينها ومحاربة بعضها للجيش الوطني الليبي وعدم التوصل إلى تسوية سياسية تجمع كل الفرقاء. وكذلك الحال في نيجيريا أيضا حيث ما زال المتمردون ناشطين في منطقة دلتا النيجر، كما أن شركات النفط الرئيسية العاملة هناك غير مستعدة لضخ استثمارات جديدة مع وجود مديونية تصل إلى 5 مليارات دولار بالفعل.

من المفترض أن يصل المنتجون من أوبك وخارجها إلى سقف الإنتاج المتفق عليه في يناير، وقد بدأت بعض الدول بالفعل خفض الإنتاج إلى المستويات المتفق عليها، كانت أولها الإمارات بتخفيض أدنوك الحصة الخاصة بها وتلتها الكويت. والأرجح أن السعودية، أكبر منتج في أوبك، ستبدأ في خفض الإنتاج بالتدريج وكذلك روسيا أكبر منتج خارج أوبك حتى موعد التنفيذ.

وإذا كان الاتفاق، وبدء التنفيذ من قبل البعض، حافظ على الأسعار في نطاق 50 إلى 55 دولاراً للبرميل حتى الآن فإن هنا عدة عوامل يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقدير مدى استقرار السوق والأسعار. بالنسبة للعرض والطلب، من المهم الإشارة إلى أننا دخلنا فصل الشتاء وبالتالي يزيد الطلب الموسمي على النفط بسبب استهلاك زيت التدفئة في نصف الكرة الأرضية الشمالي. حتى وإن كانت تلك الزيادة الموسمية في الطلب تراجعت في السنوات الأخيرة بحساب نسبتها المئوية إلا أنها تشكل عاملا مهما في ضبط التوازن مع وجود فائض في العرض.

وفي حال التزمت الأطراف الموقعة على اتفاق المنتجين فإن سحب الفائض يظهر أثره بعد نهاية الربع الأول من العام فيعادل بالتالي اختفاء الزيادة الموسمية في الطلب ما يحول دون هبوط الأسعار عن مستواها الحالي إن لم ترتفع إلى نطاق 55 60 دولاراً للبرميل (ذلك بالطبع في حال عدم حدوث أي مفاجآت).

هناك عامل آخر، خارج سيطرة المنتجين والمستهلكين وليست له اي علاقة بمعادلة العرض والطلب، هو سعر صرف الدولار الذي يزيد باطراد خاصة بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي سعر الفائدة في آخر اجتماع له في 2016. وينتظر أيضا أن تزيد وتيرة رفع الفائدة وبالتالي استمرار قوة الدولار.

ومعروف أن سعر النفط، وغيره من السلع المسعرة بالدولار، يتناسب عكسيا مع سعر الدولار. وبالتالي فإن ارتفاع سعر صرف الدولار يضغط على أسعار النفط هبوطاً.

د. أيمن علي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"