مصيدة الصين

01:20 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبد العظيم محمود حنفي

تكاد تجمع مراكز الدراسات الاقتصادية، على أن الاقتصاد الصيني - ثاني أكبر اقتصاد في العالم -يواجه متاعب لها تداعياتها على الأسواق المتقدمة والناشئة على السواء. وشككت في محاولة الرئيس الصيني، عندما شارك في المنتدى الاقتصادي العالمي بمنتجع دافوس السويسري- تبديد المخاوف المتعلقة بتباطؤ النمو الاقتصادي، عندما أشار إلى أن الاقتصاد الصيني يمر بمرحلة جديدة يعتمد فيها على الاستهلاك المحلي والإنفاق الداخلي. حيث رأت أنه من الخطأ زعم أن التحوّل في الصين إلى اقتصاد يعتمد بصورة أكبر على الاستهلاك سيكون خالياً من المخاطر، لأن الحل المغري بالنسبة لبكين سيكون تعويض المشكلات المحتملة في المصانع الصينية عن طريق تخفيض قيمة عملتها لجعل سلعها الصناعية أرخص. وأنه إذا ردت الصين على تباطئها الاقتصادي بتصدير الانكماش إلى بقية الاقتصاد العالمي، فإن الأمور سرعان ما ستشهد تدهوراً مخيفاً.
وخلال فترة زمنية قصيرة مدتها 26 عامًا استطاعت الصين مضاعفة الناتج المحلى الإجمالي أكثر من أحد عشر ضعفًا من 147.3 مليار إلى 1.6494 تريليون دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي وصل إلى 9.3% في المتوسط خلال الفترة الممتدة بين عامي 1978 و2004 ؛ مما بات جديراً من وجهة نظر البعض بأن يسمى المعجزة الاقتصادية الصينية، قياساً على ما سُمي بالمعجزة اليابانية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. وتقول تلك المراكز أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يواجه مشكلة زيادة ديون القطاع الخاص، وتلك مشكلة، إذا لم يتم التعامل معها بطريقة صحيحة ستؤدي إلى تأجيج أزمات خطرة، ولفتت النظر إلى أن بنك التسويات الدولي انضم إلى قائمة المؤسسات العالمية التي تحذر الصين من أن تفاقم الدين بشكل سريع يمهد الساحة لأزمة مالية.
بصفة عامة يمكن القول إن المراكز البحثية ومعها البنوك الاستثمارية لديها نظرات تشاؤمية بخصوص توجهات الاقتصاد الصيني، وترى أن جهود علاج المشكلات التي تواجه الاقتصاد الصيني تحتاج لحوالي 5 سنوات. ويرى البعض أن الصين واقعة الآن تحت ما يعرف باسم «مصيدة الدولة متوسطة المستوى»، كما كان حال الدول الأمريكية اللاتينية في حقبة الثمانينات من القرن الماضي، والآسيوية في التسعينات، بسبب انكماش حجم القوى العاملة والقروض سيئة الأداء. لهذا السبب قال الرئيس الصيني «شي جين بينغ» في مؤتمر الشعب القومي في مارس العام الماضي إن الأعوام الخمسة القادمة قد تشهد سلسلة من الانفجارات المالية التي ستجتاح كل الصين. كما قال إنه في حالة عدم نجاح بلاده في تجاوز تلك المشكلات الكبيرة، فسوف تتعرض لمهددات خطرة لأمنها القومي وتراجع في معدلات النمو. وتهدف الخطة الاقتصادية الخمسية الصينية التي بدأت عام 2016 إلى مضاعفة إجمالي الناتج المحلي ودخل الفرد، وذلك من خلال تطبيق خمس أفكار تنموية هي: التجديد والتعاون والتحول الأخضر والانفتاح والمشارك لجعل الصين مجتمعاً متوسط الازدهار يتمتع فيه الناس بحياة مريحة بشكل نسبي.

كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"