مبررات قوية للاستثمار في رأس المال البشري

02:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبدالعظيم محمود حنفي

في الخريف الماضي، وقبل الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، أعلن رئيس البنك الدولي أمام العالم عن هدفين، وهما: إنهاء الفقر المدقع، وتعزيز الرخاء المشترك ، وتحدث عن السبل اللازمة لبلوغ الهدفين.
يتعلق السبيل الأول بتسريع وتيرة النمو الاقتصادي المستدام والشامل للجميع، عن طريق وضع الأسس اللازمة لتوفير خدمات عامة أكثر فاعلية، وبتحسين مستويات الإدارة الرشيدة والحوكمة والتصدي للفساد، وتسريع وتيرة الاستثمار في مرافق البنية التحتية، وبتقليص المخاطر الحقيقية والمتصورة على الاستثمارات الخاصة، وبتحسين عمل التجارة للجميع، وبخلق الأسواق التي تكفل جلب ما يتمتع به القطاع الخاص من مزايا قوة العزم وروح الابتكار إلى البلدان النامية. ويتعلق السبيل الثالث بتعزيز القدرة على مجابهة الصدمات والمخاطر العالمية. لأنَّنا نعيش في عصرٍ كثرت فيه الأزمات المتداخلة: الأوبئة، وتغير المناخ، واللاجئون، والمجاعة. أما السبيل الثاني فيتعلق بزيادة الاستثمار - بقدر أكبر من الفاعلية - في الناس، فالبنك الدولي إذ يركز على الاستثمار في الناس، ولأن رأس المال البشري يمثل ثلثي الثروة العالمية، فالثروة هي قاعدة الأصول التي تمكن البلدان المختلفة من توليد الدخل (الناتج المحلي الإجمالي) وتحقيق النمو. فالاستثمار في البشر يؤدي إلى ثروة أكبر ونمو اقتصادي أسرع. ويمثل رأس المال البشري - المهارات والخبرات وجهد السكان - أعظم أصول العالم. وهو يشكل حوالي 65% من ثروة العالم، بيد أنه لا يشكل سوى 41% من الثروة في البلدان منخفضة الدخل. ونسبة 56% في البلدان متوسطة الدخل، ومع نمو البلدان، تصبح نسبة رأس المال البشري أكثر أهمية. ومن بين التحديات الأخرى، يتطلب تسريع وتيرة التقدم التكنولوجي من البلدان أن تستثمر بشكل عاجل في مواطنيها، إذا كانت تأمل في التنافس في اقتصاد المستقبل. إن قيمة رأس المال البشري تتزايد عاماً بعد عام. فالطلب على الكفاءات والمهارات الرقمية آخذ في ارتفاع، حيث تؤكد المُؤشِّرات على أنه ستتم ميكنة الكثير من الوظائف الأقل تعقيداً التي لا تتطلَّب مهارات كبيرة، أمَّا الوظائف الباقية فسوف تستلزم مهارات جديدة أكثر تعقيداً وتطوراً. ومن ثمَّ، يجب التبكير بالاستثمار في التنمية البشرية - بالعمل على أن تحصل النساء الحوامل على الرعاية الصحية أثناء الحمل، بما في ذلك التغذية الصحيحة، وبوقاية الأطفال من سوء التغذية، لكي ينموا نمواً صحيحاً، وبتيسير الحصول على رعاية صحية جيدة للجميع، وبتقديم خدمات تعليمية تُعِد الطلاب لوظائف المستقبل.وقد أشارت الأزمة الاقتصادية الأخيرة إلى أهمية الحصول على تعليم جيد، وتشير إحدى الدراسات إلى أن أولئك الحاصلين على قدر أكبر من التعليم كانوا عموماً أقدر على الحصول على الوظائف والاهتمام بها حتى في فترة الأزمة المالية العالمية، على سبيل المثال، خلال الفترة من عام 2008 و 2010 ارتفعت معدلات البطالة في البلدان أعضاء منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بين الأشخاص الذين لم يتجاوزوا التعليم الثانوي من 4,9% إلى 7,6%، وعلى العكس من ذلك، كانت المعدلات بين الأشخاص الذين التحقوا بالتعليم الجامعي أقل بكثير، فارتفعت من 3,3% إلى 4,7% خلال نفس الفترة. وتكشف تقارير البنك الدولي عن الفروق الشاسعة بين البلدان حينما يتعلق الأمر بفرص حصول الشباب على التعليم العالي، خاصة أبناء الأسر الفقيرة وأبناء الأشخاص غير المتعلمين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"