قراءة في ديوان الشيخ سلطان بن سالم القاسمي وسيرته (3)

14:02 مساء
قراءة دقيقتين

بسبب انتفاء المصالح ذات الأهمية للدولة البريطانية في هذه المنطقة، كما ذكرنا في حلقة يوم أمس، فإن الإنجليز كانوا سلبيين كعادتهم في تقدير الأمور التي لا تشكل أهمية قصوى، ما دامت المصالح الأساسية يحافظ عليها كتأمين الطريق البحري الآتي من العراق وسواحل إيران النفطية إلى شبه القارة الهندية، وهذا الطريق أصبح مأموناً لبريطانيا وللذين تأتي سفنهم رائحة أو غادية بعد هيمنة الإنجليز هيمنة تامة على السواحل الإيرانية والعربية على السواء.

أما ما يجري في داخل هذه السواحل من نزاعات وحروب وغلبة فئة على أخرى أو انقلاب جماعة على جماعة فتلك مواقف لم يعرها الإنجليز اهتماماً، وعلى المتنازعين والمنقلبين أن يسووا أمورهم مع الممثل المقيم المحلي، ويكتفي الإنجليزي المسؤول في مقر رئاسة الخليج أو قبل ذلك في الهند بالتقرير الذي يصله من الممثل المحلي وعلى هذا التقرير المعول وغالباً ما كانت محتويات هذا التقرير تعود إلى مدى تأمين مصلحة الممثل المحلي الشخصية كما تمت الإشارة إليها.

ونحن نتفق مع الأستاذ محمود علياء في أن الشيخ سلطان بن سالم كان أحد الحكام المتنورين، وكان ممن مروا بتجارب عديدة جعلت منه شخصية هامة وعلى دراية وفهم بشؤون المنطقة وأهلها، وكان لرأيه وزن عند شيوخ المنطقة وأهاليها.. وكنت شخصياً أرى الشيخ سلطان بن سالم رحمه الله في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، في دبي، حيث اتخذ الشيخ مقراً ومسكناً، وعاش بالقرب من مربعة مريم بنت حشر في رأس سكة الخيل، وكان السيد هاشم رحمه الله صديقاً للشيخ سلطان، ويحدثنا نحن تلامذته ورواد مجلسه عن الشيخ سلطان حديثاً فيه إعجاب بشخصية الشيخ، ويقول إن الشيخ سلطان من أكثر حكام المنطقة بروزاً وفهماً.

وبتصفح ديوان شعر الشيخ سلطان بن سالم، نجد أن شعره هو من النوع السائد في المنطقة في ذلك الوقت شكلاً ومضموناً من الشعر النبطي، ومواضيع شعره من المواضيع المطروقة، وكان القليل من الناس من يستطيع نظم الشعر بالعربية الفصحى.. ولم أقرأ أي نقد أو تحليل يعود لتلك الأيام..

والحقيقة أن لجوء الشيخ سلطان بن سالم إلى النظم والقصيد بأي نهج شعري دليل على الذوق الأدبي، وأن الشيخ سلطان كان يفهم ويتذوق الشعر والأدب.

والحقيقة أيضاً أنه إذا أردنا أن نكون على بينة ودراية بأحوال الشيخ سلطان بن سالم وشؤونه العامة والخاصة بالدقة، فإنه لا بد أن نبحث في الماضي ونتلقى المعلومات ممن جالسوه وعاصروه من الناس في رأس الخيمة وفي دبي.. وللأسف فإن مثل هؤلاء قد طوى الزمن معظمهم في طياته، وغابت عنا بغيابهم معلومات كثيرة ليس من اليسير رؤيتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"