أبوجانتي

على الوتر
02:32 صباحا
قراءة 3 دقائق

انتقل أبوجانتي من دمشق إلى دبي، وفي البداية تخيلناه جاء ليقدم دراما مختلفة، تستغل التنوع البشري والتعدد الثقافي ليخرج إلى جمهوره بعمل يغوص في أعماق دبي ويضيء على فرادتها وتميزها شكلاً ومضموناً، ويضاف إلى رصيد بطله ومنتجه وصاحبه سامر المصري، ولكننا فوجئنا به جاء فاقداً بعض أبطاله ممن أسهموا إلى جانب المصري في إنجاح الجزء الأول، وبدلاً من أن يتم تطعيمه بعناصر جذب عربية مستغلاً أن التصوير في دبي يحتمل توسيع قماشة النص لتحتمل إضافة البعد العربي، والإقليمي والدولي أيضاً، فوجئنا به يستعين بعناصر مغمورة ولا تملك أي موهبة، باستثناء الفنان الإماراتي بلال عبدالله الذي قدم دوره في إطار المكتوب له، وكانت النتيجة أن جاء الجزء الثاني أكثر فقراً من الأول .

لمسنا تغيراً في مظهر أبوجانتي الذي التزم القواعد الشكلية لسياقة التاكسي في دبي، ولكننا لم نلمس تغيراً في جوهر الشخصية، وقد يكون ذلك غير مطلوب ولا مستحباً من الفنان سامر المصري صاحب الفكرة وصاحب العمل، وبالتالي صاحب القرار الأول والأخير فيه، وهذا حقه الذي لا ينازعه فيه أحد، ولكن ما ليس حقاً له أن يقدم صورة مغلوطة ومتجاوزة عن الشارع وعن البشر، ولم يكتف سامر بالتمثيل والإنتاج ولكنه أصر على أن يكون صاحب كل شيء، وقدم نفسه مغنياً للتتر أيضاً .

ما نشاهده في أبوجانتي وهو يتجول في شوارع دبي لم يشاهده أو يسمع به سكان دبي ولا زوارها، فقبل حصوله على رخصة القيادة وهو يعمل في توصيل الطلبات إلى المنازل اصطحب فتاة على دراجته النارية وطوال رحلتهما وهي ترقص واقفة، والأغاني والموسيقا الصاخبة رفيقتهما، ونفس الأمر تكرر في التاكسي خلال توصيله لأحدهم الذي اتفق معه على أن يستضيفه في سهرة لن ينساها .

أبوجانتي رد على استضافة دبي له بتقديم الشخصية الإماراتية بصورة غير مقبولة، من خلال سعيد وهو رجل ظهر متنكراً في صورة امرأة لكي يتابع أملاكه، كأنه غير قادر على اكتشاف الفساد إلا بالتنكر، وبشكل ماسخ أراده سامر المصري لأسباب في نفسه، ليس ذلك فقط، لكنه أظهره في صورة العاجز عن مواجهة موظفيه الفاسدين وأن مشكلاته لن تحل إلا على يدي سائق التاكسي أبوجانتي .

المسلسل تم بناؤه على مجموعة من المصادفات غير المنطقية، ليرى المشاهد أبوجانتي في صورة ابن البلد الشهم حلال المشكلات الذي لا تستعصي عليه أزمة مهما كانت جنسية أصحابها، وما يزيد الطين بلة ما صرح به سامر المصري بأنه سيقدم 5 أجزاء في الأعوام المقبلة في 5 دول عربية، كأننا في حاجة إلى المزيد من السطحية والسذاجة الدرامية .

ولا أدري ماهية الدور الذي تقوم به سامية الجزائري، وإن كنت أعرف أنها تجسد شخصية الأم، ولكنها تستحوذ في مشاهدها مع ابنتها على مساحة كبيرة من غير أن يكون لها أي فعل درامي، ولانراها سوى وهي تدعو لابنها كل الوقت وتتمنى أن تقبرها ابنتها، وهي الأمنيات والدعوات التي لا تستلزم لها سوى إطلالة واحدة كل عدة حلقات، لا عدة إطلالات في الحلقة الواحدة، والأمر نفسه ينطبق على اندريه سكاف .

بشكل عام، أبوجانتي خيّب آمالنا وجاء عملاً لا يخدم أحداً ولا حتى بطله، خصوصاً أنه سينال من رصيده، وكان ينبغي على سامر المصري ألا يعيد التجربة بعد الهجوم والانتقاد الذي لاقاه الجزء الأول، وعندما قرر أن يصور في دبي كان عليه أن يستفيد من هذه الفرصة، وأضعف الإيمان أن يعرف قواعد المرور فيها، وألا يتجاوز الثوابت باسم الدراما .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"