في الرد علي جريمة دنيئة

02:36 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود الريماوي
تَعرّف الجمهور العربي والإسلامي يوم الجمعة الماضية 22 مايو(أيار) الجاري الى بلدة سعودية وادعة تدعى القديح تُجاور مدينة القطيف شرقي البلاد.
القديح بلدة تزخر بأشجار النخيل ، وتضم سوقاً كبيرة للأسماك واللؤلؤ من جني كدح أبنائها، وتجتذب إليها المتسوقين والتجار من داخل السعودية وخارجها.
لكن الجمهور لم يطلع على مظاهر الحياة أو سحر الطبيعة في القديح، بل وقع على جريمة إرهابية اقترفت ظهر الجمعة في أكبر مساجد البلدة ، وهو مسجد الإمام علي ابن أبي طالب، فيما كان حشد من المصلين يتراصون في المسجد لأداء صلاة الجمعة.
الجريمة الدنيئة هزت المشاعر واستثارت على الفور ردود فعل ساخطة وعلى أوسع نطاق في السعودية الشقيقة، حيث سارعت السلطات لإدانة المجزرة التي أوقعت أزيد من مئة بين شهيد وجريح.
فيما بادرت هيئة علماء المسلمين والمجلس القضائي الأعلى في الرياض لإدانة الفعلة الشنيعة، ولم يتردد مسؤولون سعوديون ، من بينهم اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية في تسمية الأشياء بأسمائها، ووصف ما حدث بأنه جريمة طائفية متطرفة، استهدفت وحدة الشعب السعودي ونسيجه الاجتماعي.
في واقع الأمر أن الإدانات واسعة النطاق تكشف من جهة عن استهوال وقوع هذه الجريمة الدموية في بلد آمن لم يعهد مثل هذه الارتكابات الشاذة، ومن جهة ثانية فإن الإدانات الحازمة تدلل على الحرص الشديد على سلامة الجبهة الداخلية السعودية في هذا الظرف بالذات، وحيث هناك أطراف عدة تُمنّي النفس بوقوع قلاقل داخلية في هذا البلد الكبير العزيز.
يسترعي الانتباه هنا إلى جانب الإدانات الواسعة وإبداء مشاعر التضامن المطلق مع السعودية ومع الشعب السعودي، باعتبار أن الجريمة الخسيسة تستهدف السعوديين عموماً ووحدتهم الوطنية الصلبة، إلى جانب ذلك فقد ظهرت بعض الأصوات الناشزة التي حاول أصحابها الاستثمار السياسي لهذه الجريمة، وتقاسموا مع داعش الإرهابية إطلاق حملة مريضة تستهدف شق صفوف السعوديين وتأليب بعضهم على بعض، وبذر بذور الشك فيما بينهم، ومحاولة تهيئة فتنة في صفوفهم تؤدي الى استتباع بعضهم للخارج ، كما تجود بذلك مخيلات موتورين يمتهنون محاولات شق الصفين العربي والإسلامي، وتهديد سيادة الدول وتماسك المجتمعات لمصلحة طرف خارجي لا يكتم نزعاته التدخلية والتوسعية في منطقتنا العربية.
ولا ريب أن المسؤولين السعوديين وصانعي الرأي العام في البلد الشقيق يدركون خير الإدراك هذه المرامي الشريرة بعيدة المدى، ويعدّون العدّة إلى جانب اليقظة الأمنية والعيون الساهرة، لتكريس الوحدة الوطنية واحتسابها خطاً أحمر من المحظور المساس أو العبث به تحت أي مسمى.
هؤلاء لن يتوانوا عن الاصطياد في المياه العكرة ( بل المياه الدامية الحمراء المضمخة بدماء شهداء وضحايا بلدة القديح) لإثارة زوابع من التشكيك، بغية نشر أجواء مسمومة توفر فيما بعد بيئة مواتية لأعمال إرهابية ذات منزع طائفي وهدف سياسي يرمي الى افتعال وفبركة معارضات مزعومة تهجس وتروج لانشقاق أهليّ لا وجود له إلا في مخيلاتهم المريضة.
والرد على ذلك هو باليقظة الأمنية والتنسيق الأمني الوثيق بين دول مجلس التعاون، مترافقاً مع الحرص التام على خطاب وطني جامع يحترم التنوع والتعدد أينما وجدا، مع المضي قُدماً على طريق العصرنة وتوطيد العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وإفادة الجميع من الثمرات والخيرات، مع الإعلاء من قيم المثابرة والإنجاز والإنتاج والتنافسية الشريفة، وسد الفجوات الاجتماعية أينما وجدت وتعميم التنمية الشاملة على سائر الشرائح والمناطق.
والانتقال من ذلك إلى تطوير صيغ المشاركة الشعبية والتناصح، وتمكين الشرائح المهنية من تكوين أجسام تمثيلية تعبر عنها.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب ومعلق سياسي، قاص وروائي أردني-فلسطيني، يقيم في عمّان وقد أمضى شطرا من حياته في بيروت والكويت، مزاولاً مهنة الصحافة. ترجمت مختارات من قصصه إلى البلغارية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"