عادي

التدهور البيئي ينشر “إيبولا”

05:25 صباحا
قراءة 3 دقائق
إعداد: عمر عدس وصباح كنعان
يحذر كاتب أمريكي من عواقب العبث بالبيئة بالنسبة لانتشار الأمراض، مشيراً كمثال إلى أن التدهور البيئي هو السبب الأكثر ترجيحاً للانتشار السريع لوباء "إيبولا" الفتاك في غرب إفريقيا . ويرجح العلماء أن يكون انتشار فيروس "إيبولا" قد بدأ في ديسمبر/ كانون الأول ،2013 عندما عض خفاش فاكهة موبوء رضيعاً في منطقة نائية في شرق غينيا، وسرعان ما انتشر المرض هناك حتى وصل إلى المدن، ثم عبر الحدود إلى البلدان المجاورة، وفي موقع "فورين بوليسي إن فوكاس" نشر الكاتب جون فيفر، المدير المشارك للموقع، مقالاً جاء فيه:
"إيبولا" هو حمى نزفية مسؤولة عن معدل وفيات مرتفع جداً، ولا تتوافر لقاحات معروفة ضد المرض، ولو أنه يجري حالياً اختبار عدة أدوية تجريبية . وفي الماضي، تفشى "إيبولا" مرات عدة، ولكن في مناطق نائية أساساً، ومنذ ظهوره لأول مرة في منطقة الكونغو عام ،1976 قتل فيروس "إيبولا" حوالي 3000 شخص .
ولكن على الرغم من كل تركيز وسائل الإعلام على الموجة الحالية لانتشار "إيبولا"، فإن هذا الوباء ليس المشكلة الطبية الأكثر إلحاحاً التي تواجه إفريقيا اليوم، ففي كل يوم، يموت 2000 طفل إفريقي نتيجة الإسهال . وفي كل دقيقة، يموت طفل إفريقي بسبب الملاريا . وفي عام 2011 وحده، مات 1،2 مليون إفريقي بسبب فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" .
وما يجعل هذه الأمراض مفجعة إلى هذه الدرجة هو أن هناك علاجات متوافرة بالفعل، ويمكنها تخفيض معدل الوفيات إلى نحو الصفر، وفي حال الإسهال، يتعين توفير مياه نظيفة وأنظمة صرف صحي، وبالنسبة للملاريا، يتعين توفير ناموسيات تحمي من البعوض، وأدوية بموجب وصفة طبية، وفي حالة "الإيدز" يتعين توفير علاجات مضادة لفيروسات النسخ العكسي، ولكن حتى الآن، لم تتوفر أموال بمقادير مناسبة للتصدي لهذه الأمراض .
وأمراض الإسهال والملاريا و"الإيدز" لم تعد تهدد بحصد أرواح على مستوى وبائي في البلدان الصناعية، ولكن "إيبولا" يهدد بأن يكون وباء مختلفاً تماماً، لأنه يقاوم العلاجات المتوافرة .
وأحد أسباب التركيز الإعلامي على تفشي "إيبولا" هو المخاوف من انتشار المرض إلى خارج إفريقيا . ولكن بسبب طريقة انتشاره - من خلال التلامس المباشر مع سوائل جسدية موبوءة - لا يتوقع أن يصبح "إيبولا" الوباء العالمي التالي .
وهناك سبب آخر يجعل وسائل الإعلام مولعة بالكتابة عن "إيبولا"، هو أنه يتطابق مع فكرة استعمارية جديدة عن إفريقيا كمنطقة تنتشر فيها ممارسات همجية مثل أكل لحوم الحيوانات البرية . وقد سبق أن تم الربط بين تفشي "إيبولا" واستهلاك لحوم الشمبانزي وخفافيش موبوءة . ولكن في الحالة الراهنة، لا صلة إطلاقاً بين تفشي "إيبولا" وأكل أي شيء كان، وفي أمريكا، هناك كثير من الناس الذين يأكلون لحوم حيوانات برية تسمى ببساطة "طرائد"، ولكن قلائل جداً فقط يعتبرون ذلك همجية .
وطبعاً، فيروس "إيبولا" مقلق بسبب سرعة انتشاره، وأحد أسباب انتشاره بهذه السرعة هو عدم توفر أعداد كافية من الطواقم الطبية اللازمة للتعامل مع هذا المرض، ومع أمراض أخرى .
ولكن السبب الآخر لانتشار "إيبولا" هو سبب بيئي، فالموجة الحالية من انتشار "إيبولا" تختلف عن جميع الموجات السابقة، لأنها امتدت من مناطق نائية إلى مناطق حضرية، وأحد أسباب حدوث ذلك هو إزالة الغابات، فالمنطقة التي ظهرت فيها هذه السلالة من فيروس "إيبولا" لأول مرة هي الغابات الواطئة في غرب غينيا، التي أزالها الخشابون، أو أزيلت لتحويل أراضيها إلى مزارع، ومنطقة غرب إفريقيا ككل كانت تخسر غابات كل سنة - نحو مليون هكتار - أكثر من أي مكان آخر في العالم، والبشر أخذوا ينتشرون اليوم في أماكن كانت حتى الآن براري أولية .
بكلمات أخرى، سكان منطقة غرب إفريقيا أصبحوا الآن أكثر عرضة في أي وقت مضى للاحتكاك مع حاملي فيروس "إيبولا" . كما أنهم أكثر تلامساً مع بعضهم بعضاً، ما يزيد من فرض انتشار المرض .
والتدمير البيئي لغابات إفريقيا يمكن أن يسبب مزيداً من موجات انتشار المرض، ومن الممكن أيضاً أن يمتد المرض إلى مناطق لا تتوافر فيها بنية تحتية طبية ملائمة، ولكن إذا كنا سنتخوف من انتشار الوباء العالمي التالي، فالوباء سيكون على الأرجح انفلونزا، أو "سارس" "التهاب رئوي"، وليس "إيبولا" .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"