ملتقى دار "الخليج": مسيرة الاتحاد الـ 41

04:25 صباحا
قراءة 4 دقائق

كان من المقرر أن يكون كاتب هذه السطور بين المعقبين على الكلمات التي تحدث بها الملتقون في ملتقى دار الخليج، ولكني آثرت كما قلت في وقته أن يكون تعقيبي في شكل مقال او حديث يُنشر تعميماً للفائدة .

والحقيقة أن دار الخليج تتبوأ المكانة الريادية بين وسائل النشر والإعلام في الدعوة إلى ملتقيات وطنية الصيغة والسمة، لكي يتحدث فيها ذوو الشأن في المسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذه الريادة متواصلة منذ سنين حتى أصبحت علامة مميزة تعطي لدار الخليج خصوصية في هذا المجال واختصاصاً لم يتسنَ لغير دار الخليج تحقيقه . .

صحيح أن بعضاً من هذه الملتقيات الخاصة بالحديث، عن المواقف السياسية في المجتمعات العربية، مكررة الطرح لاسيما تلك التي يقوم بها بعض الضيوف القادمين من خارج الإمارات، لكن مايطرح عن الهموم الوطنية وكما حدث في الملتقى الأخير، شيء فيه أكثر من جانب حداثي وتجديدي، وشيء فيه أكثر من جانب تثقيفي للمشتركين، لأن الذين تحدثوا هم من أهل الدار، وحديث يختص بالدار، وفيه مسائل مطروحة من أهل الدار هي أكثر حيوية وجاذبية .

حديث الملتقى: وكما كان من المقرر وفي أجندة الملتقى، فإن حديث الشيخ نهيان بن مبارك عن مرور 41 عاماً على قيام الاتحاد كان هو الأساس وهو المحور، وهو خريطة الطريق كما وصفها خلفان الرومي، لأن هذه الخريطة أظهرت رسومات بيانية للإنجازات والمكتسبات التي وجدت وتحققت في الدولة منذ إنشائها وحتى الآن . وفي هذه الرسوم البيانية التي تتسلق عمودياً إلى الأعلى في كل مرحلة من المراحل، اتضح أن الدولة لم تعمل فقط على مايخرجنا من التخلف بل أسرعت الخطى للحاق بركب كل تقدم حدث في الخمسين سنة الأخيرة، وهي قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى الهدف .

ولا أعتقد أن أحداً منا يكابر ليزعم أن كل شيء هو في أقصى درجات التمام، فمثل هذا التمام ليس له وجود، لا عندنا ولا عند غيرنا من البشر على وجه البسيطة، مهما أدعى مدعٍ أن مكاناً في الأرض قد حوى مايقال له التمام، فإن وجوده في الحقيقة ينحصر في مخيلة الخياليين والطوباويين من الناس، ولكن الفرد منا يوازن بين تحقيق ما يمكن استكماله من العمل ويحاول الوصول إليه . . وكل الدلائل تشير إلى أن الإمارات جادة للوصول إلى هذا الاستكمال، وتأخذ بالأولى ثم الأولى .

الوعي السياسي والتنمية السياسية: وقد قال قائل، إن الوعي السياسي غير التنمية السياسية، وأراد بذلك أن يقول إن الوعي السياسي موجود ولكن من دون تنمية سياسية .

وفي رأيي أن الوعي السياسي في دول التعاون ومنها دولة الإمارات، مازال في طور النشوء وأن الخامات المصنعة لهذا الوعي السياسي الناشئ ليست وطنية، ومازالت هذه الخامة من مخزون النفايات التابعة للأيدلوجيات غير العملية التي أثبتت المعامل التجريبية بعد الفحص أنها غير صالحة، ناهيك أن تكون ملائمة .

وبالرغم من أن خطاب الشيخ نهيان يوضح لنا بجلاء عما نريد أن نكون عليه في هذا البلد، وعما تحقق لنا من مُكتسبات من النادر أن نجدها في مكان آخر، ويجيب خطابه الذي ألقاه في هذا الملتقى، (ملتقى الخليج يوم السبت الفائت 24/11/2012 في دار الخليج)، عن كثير مما يدور في خاطر أي واحد منا عن المنجزات التي استطاعت الإمارات تحقيقها في هذه الفترة الزمنية القياسية التي مرت على قيام الدولة، لكن دعونا أن نعيد التساؤل، عما نريده ومانتطلع إليه، أو بالأحرى ماذا تريد الأغلبية الساحقة من الناس؟ الجواب يأتي فوراً وعلى طرف اللسان، نريد العيش الرضي، يكون فيه الإنسان آمناً على نفسه وعلى ماله وعرضه في ظل رفاه يحقق للإنسان حقوقه ويبعده عن آفات الفقر والمرض والجهل، ونكون غير منصفين أو نكون جاحدين لو لم نقل إن دولة الإمارات قد حققت هذا العيش الرضي على أسس من القواعد الثابتة، تلك الأسس التي أشار إليها الشيخ نهيان بن مبارك في خطابه السالف الذكر الذي وضع النقاط على الحروف .

وليس منا من يعترض على التنمية السياسية، إذا كانت هذه التنمية تعني وضع الخطط للانتقال الآمن من مرحلة إلى أخرى، وهذا أمر تفرضه سنن التطور والمتغيرات، ولسنا نقول جزافاً من القول إن الإمارات قد خطت خطوات محسوسة تجاه هذا التطور، وذلك بتطوير عملية التمثيل في المجلس الوطني وقيام مؤسسات إدارية تعتمد على الكفاءة والتكنوقراطية أكثر من الفئوية والائتمانية لهذه الإمارة أو تلك، وخلق المجتمع المدني القائم على المواطنة المدنية . ولكن في الوقت الذي لا يوجد مثل هذا الاعتراض، هناك مطالبة من الأغلبية العظمى من الناس بألا تكون التنمية السياسية وليدة وعي سياسي غير ناضج ومبهور بالشعارات . وفي رأيي أن وعياً سياسياً ناضجاً ومتزناً يأخذ ظروف مجتمعنا وثقافته وتقاليده الموروثة ليس متاحاً في الوقت الحاضر، وبيننا وبينه مدىً وبوناً، وللوصول إليه لابد من احتساب الخطى والسير في دربه بأعين مفتوحة لا يغشيها لمعان السراب المضلل .

[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"