مدن المعرفة

04:19 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

هي امرأة سبعينية لا تذكر من دبي إلا ما عاشته قبل خمسة عقود، وتتلألأ عيناها بدموع الدهشة وهي تعاين ما لا يمكن تصديقه، لكنها تستدرك لتقول «هذه دبي»، ومثل هذه المرأة نساء ورجال كثر عبروا في فترة ما قبل النفط وبعده، وتركت دانة الدنيا في قلوبهم رصيداً من الحميمية والشوق إلى بساطة زمن الخيمة والناقة والسيف «الشاطئ»، إلا أن الوقت تغير وقررت معه دبي أن تكون الشابة التي تخطف القلوب والعقول في آن، وأن تصبح مدينة للحياة والشباب والمعرفة.
وقد تم إعلان دبي «مدينة للمعرفة» في ختام برنامج قمة المعرفة لعام ٢٠١٩ الذي تتولى التحضير والإعداد له سنوياً مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وتقدم من خلاله أصواتاً من شتى أنحاء العالم، ارتفعت هذا العام لتناقش قضايا المعرفة تحت شعار: «المعرفة لتحقيق التنمية المستدامة»، وقدمت تجارب عالمية أسهمت في وضع حلول للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ال ١٧ المعروفة بالأجندة العالمية ٢٠٣٠ كما أقرتها الأمم المتحدة.
يأتي اختيار دبي مدينة للمعرفة لعام ٢٠٢٠، كأول مدينة في العالم تستحق هذا اللقب بسبب إسهاماتها اللامحدودة في تعزيز قيمة التعليم والعلوم والمعرفة عموماً من خلال مجموعة من المشاريع الطموحة، والرامية إلى إيجاد منصات معرفية عالمية، واستضافتها أحد أهم وأكبر الأحداث الثقافية والاقتصادية وهو إكسبو ٢٠٢٠ إضافة إلى حصد مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة «شهادة آيزو» والتي استحقتها بفضل جهودها الكبيرة في تمويل المشروعات البحثية والأنشطة والمبادرات الداعمة للتعليم و ريادة الأعمال، بما يخدم أكثر من ثلاثة ملايين شخص حول العالم.
وقد صدر هذا العام مؤشر المعرفة العالمي شاملاً ١٣٦ دولة، وهو يوضح من خلال منهجية تستند إلى أدبيات وتقارير أممية، وتكرس التواصل المعرفي مع التجارب السابقة كما تربط بين مفهومي المعرفة والتنمية المستدامة وفق ما حدده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويضيء المؤشر محاور أساسية أبرزها: التعليم قبل الجامعي، التعليم التقني والتدريب المهني، التعليم العالي والبحث والتطوير والابتكار، وقد حافظت الإمارات على مكانتها ضمن أفضل ٢٠ دولة عالمياً.
إن هذا المشروع البحثي المهم والمتاح على الشبكة مجاناً للباحثين والمهتمين والقراء عموماً، يجب أن يكون أحد الأدوات الأساسية التي تستخدمها مؤسساتنا الوطنية عند التفكير بما بعد ٢٠٢٠، وخصوصاً عند رسم سياساتها التطويرية للعنصر البشري، لجهة إتاحة التدريب المتخصص المهني والمهاراتي، ومدى توافق سياسات التحول الذكي مع قدرات الموظفين الحاليين ومستويات أدائهم وحاجاتهم، إضافة إلى تضمين سياسات الابتكار وتحديد آليات قياس المخرجات، وكل ذلك لا يمكن أن يتم دون تبني لأدوات معرفية مبتكرة، تعتمد على البيانات الضخمة وتقييم الحالة الراهنة بالوعي بالمهارات المستقبلية المطلوبة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"