عادي
المتمردون يراهنون عبثاً على نفاد صبر المدينة وإخضاعها لمشيئتهم

عدن تحت الحصار الغذائي والمالي وأبناؤها ضحية قصف الانقلابيين

03:23 صباحا
قراءة 3 دقائق

صنعاء عبدالرحمن أحمد عبده:

تضاعفت معاناة أهالي مدينة عدن (جنوب اليمن) بصورة غير مسبوقة، خلال الأيام الأخيرة، فيما تفاوت معدل هذه المعاناة بين مديرية وأخرى، غير أن الثابت هي الصعوبة البالغة في كريتر وخور مكسر والتواهي والمعلا، وهي المديريات التي يسيطر عليها مسلحو جماعة الحوثي وعسكر الرئيس المخلوع علي صالح، بشكل شبه كلي، في حين ما زالت مديريات البريقة والمنصورة والشيخ عثمان ودار سعد خارج سيطرتهم، بفضل صمود المقاومة وإسناد الضربات الجوية لمقاتلات دول التحالف العربي.

ويؤكد عدد من أهالي المدينة، تحدثت إليهم «الخليج» أن ميليشيا صالح والحوثي، ومنذ منتصف الأسبوع المنصرم، يفرضون حصاراً تموينياً على المدينة ويمنعون دخول المنتجات الزراعية وخصوصاً من محافظتي لحج وأبين ويحرمون الأهالي من الخضار والمنتجات الغذائية، التي يعتمدون عليها بشكل أساسي في غذائهم اليومي، بالتزامن مع محاولاتهم المستميتة لاقتحام عدن من مدخلها الشمالي في دارسعد ومدخلها الغربي في البريقة.
تقول الناشطة الحقوقية لولا صالح، «للشهر الثالث على التوالي مازال أبناء عدن من دون مرتبات ويتحملون القصف المدفعي والقتل والهمجية الممنهجة ضدهم من قبل ميليشيات الحوثي وصالح. ولم تعد المستشفيات تستوعب أعداد المصابين بالحمى والملاريا وأمراض القلب والسكري والفشل الكلوي، لأن هناك أيضاً جرحى من المقاومة وجرحى من السكان».
وتتحدث بمرارة «عدن يطبق عليها الآن حصار غذائي منذ أكثر من 3 أيام لم تدخلها أي خضراوات أو مواد غذائية، لتبدأ مرحله جديدة من القتل ضدهم».
كريتر والمعلا والتواهي وخورمكسر، التي استولت على أحيائها ميليشيا الحوثي وصالح أصبحت تعاني انتشار وباء حمى الضنك والملاريا، ودور الصليب الأحمر ضعيف جداً مقارنة بدوره في أي بلد يشهد نزاعاً واقتتالاً ومنظمات الأمم المتحدة لا ترى سوى الطيران السعودي وهو يضرب لكنها تغض الطرف عن قتل اليمنيين في عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة ولا ترى القصف العشوائي فوق المنازل بعدن و لا ترى الأمراض تفتك بهم، وتؤكد أن الدواء لا يتوفر، وكذلك مقومات الحياة غير متوفرة، كالكهرباء والماء والتطبيب الصحي والألبان الخاصة بالأطفال نفدت من الصيدليات، والأطفال يواجهون الموت.
ويقول الدكتور يوسف سعيد: الحوثيون وحليفهم صالح يريدون أن يوصلوا الناس في عدن إلى حالة من اليأس ويتوقعون عما قريب نفاد صبر أبناء عدن من جراء تشديد الحصار الذي يفرضونه على دخول مختلف السلع الغذائية وغير الغذائية إلى المدينة، وهم يعتقدون أيضاً أن الانقطاعات الطويلة للكهرباء وما يتبعه من عدم توفر المياه وعدم توفر البنزين، إلى جانب عمليات الضرب العشوائي الذي يوجهونه إلى منازل المدنيين في المديريات غير الخاضعة لهم، بكل ذلك يعتقدون في النهاية أنه سيؤدي إلى نفاد صبر الناس وفي المقدمة منهم المقاتلون الشباب وحضانته الاجتماعية وحينها يعتقدون أن سكان عدن سيرفعون الراية البيضاء وسيسلمون عدن للحوثيين، لكنهم في هذا واهمون.
من جانبه يقول حمدي ناصر ميكانيكي سيارات من دارسعد: نحن نعاني كثيراً، وفضلاً عن حصارنا بالغذاء، نعيش يومياً صدى المواجهات المسلحة ودوي الانفجارات والقذائف التي تمر فوق رؤوسنا، وتهتز جرائها منازلنا، فالحوثيون وجنود صالح مستمرون في محاولاتهم التوغل إلى دار سعد، بعد إخراجهم سابقاً، وقصفهم العشوائي يجعلنا في خوف دائم، وقد سقط ضحايا من المواطنين في أطراف دار سعد الشمالية.
وعن جوانب من المعاناة الإنسانية في عدن يقول نصر عبدالله، من مدينة كريتر (عدن القديمة) صارت الحياة صعبة للغاية ولا تطاق، تقريبا كل شئ معطل، نفتقد الكهرباء والماء، الذي ينقل إلينا بالصهاريج، فضلاً عن القمامة المتراكمة، وحمى الضنك التي تهدد الجميع.
ويضيف: عندما أغادر كريتر، لأمر ما، أحرص على العودة إليها قبل حلول المساء، وألا يمنعنا المتمردون من الدخول مجدداً والعودة إلى كريتر، وعلى كل لم تبق في المدينة، إلا أسر قليلة، بينما نزح الكثيرون خارجها.
وأمام مشاهد الدمار في مديرية خور مكسر، التي عُرفت بأنها الأكثر أهمية وحيوية في محافظة عدن، يتحسر الموظف الصحي المتقاعد فضل ناجي ويقول إن من بين كل ذلك الدمار، يحزنني أن أرى مستشفى الجمهورية العريق، مغلقاً بالكامل، وهي المرة الأولى التي يُغلق فيها منذ إنشائه في منتصف خمسينات القرن الماضي، فرغم كل الحروب والظروف الصعبة التي عاشتها عدن، لم يحدث أن أغلق، إلا هذه المرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"