الزوج الثاني وبنات الزوجة من الأول

02:39 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

هناك مسائل فقهية كثيرة تشكل على الناس دائماً، ويختلفون عليها ويتحدثون فيها، وبما أنهم ليسوا من أهل الاختصاص فإنهم يتجرأون على الفتيا وأهل العلم، فربما حرّموا مسألة وهي حلال، وربما أحلّوها وهي حرام، وكان الأفضل لهم الرجوع إلى أهل الذكر إن كانوا لا يعلمون.
ومن تلك المسائل أنّ امرأة تزوجت زوجاً وبعد أن أنجب منها طلقها، فتزوجت المرأة بعد ذلك زوجاً آخر فأنجبت منه أي من الزوج الآخر بنات، فهل الزوج الأول محرم لبناتها من الزوج الثاني؟
الجواب نعم، تحرم على الزوج الأول بنات الزوجة من الزوج الثاني، فصحيح أنّها طلقت منه، وبانت وتزوجها الثاني نكاحاً شرعياً بعقد ومهر جديدين، إلاّ أنها تعدّ مدخولة الزوج الأول، فكيف يتزوج بنت مدخولته التي تشبه بنته؟
والصحيح أنّ الزوج الأول يعد محرماً لبنات مدخولته سواء كن ممّن ولدن قبل طلاقها أو ممّن ولدن بعد طلاقها، والله تعالى قال: «.. وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن..» (الآية 23 من سورة النساء).
لكن يختلف الحكم إذا تزوجها ثم طلقها قبل الدخول بها، فتزوجت تلك المطلقة قبل الدخول بزوج آخر وأنجبت منه بنات، ففي هذه الحالة لا يعدّ الزوج الأول محرماً لبنات مطلقته من الزوج الثاني.
وأمّا، أمّ مطلقته غير المدخول بها أو جدّتها فتصبح محرمة عليه بمجرد العقد، فمتى طلّق البنت بقيت أمها أو جدّتها محرمة عليه إلى الأبد، ولذلك تقول القاعدة الفقهية: «العقد على البنات يحرّم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرّم البنات» وما ذكرناه هو تفسير لهذه القاعدة تماماً.
ولكي أوضح المسألة أكثر أقول: إذا عقد محمد على عائشة فإن أمّ عائشة تصبح محرّمة على محمد، حتى لو طلّق ابنتها قبل أن يدخل بها. فله أن يناديها بعمتي أي عمة المصاهرة، ولا يجوز له أن يتزوّجها بحجة أنه طلق ابنتها قبل الدخول بها، لأنها محرمة عليه إلى الأبد.
وإذا عقد محمد على عائشة ودخل بها ثمّ حصل الطلاق، فلا يجوز لمحمد أن يتزوج بنت مطلقته من الزوج الثاني بحجة أنّه طلقها، لأن البنت تصبح ربيبة للزوج الأول.
وهنا مسألة يجب أن ينتبه لها الناس وهي أنّ لفظ الربيب والربيبة لا يطلق فقط على أولاد المطلقة التي تتزوجها أنت ولها بنات، بل الربيبة والربيب يطلق على أولاد مطلقتك أيضاً فعندما تتزوج بزوج آخر فإن بناتها من الزوج الثاني هنّ ربائبك.
والأمر الآخر هو أن القرآن الكريم قال: «.. وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن..» (الآية 23 من سورة النساء» وليس المقصود أن ابنة الزوجة ما دامت تعيش معكما في البيت تصبح محرمة عليك بينما تكون غير محرمة إذا كانت تعيش في مكان آخر، وقد فهم الظاهرية مثل هذا الفهم حيث قالوا في تفسير الآية: في حجوركم أي تعيش معكم في بيت الزوجية.
كلّا، ليس المقصود هذا، وإنّما كما قال المفسرون: بنات زوجاتكم اللاتي ربيتموهن، وذكر الحِجر ليس للقيد وليس مقصوداً بذاته وإنما هو للغالب، لأن الغالب أنها تعيش مع أمّها ويتولى الزوج أي الزوج الثاني تربيتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"