دبي . . العلامة للمال والتجارة

05:14 صباحا
قراءة 3 دقائق

ذهبت قبل أسبوعين، إلى دكان أعرف صاحبه ويقع في سوق ديرة القديم بجوار سوق الذهب المشهور-سكة الخيل وشارع البلدية القديم . . وقد تعودت أن اشتري منه الغتر- الكوفيات- والعقال، منذ أيام والده الذي كان يتعاطى نفس التجارة في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي في السبيخة . . ورأيت السوق القديم وسوق الذهب غاصاً بالناس رائحين وغادين كما كانت منذ الثلاثينات من القرن المنصرم أي منذ ثمانين عاماً أو يزيد، كان هذا السوق قلب ديرة، ومازال على حالته ينبض بالحيوية ونبضاته كما هي لم تتغير، وتشير إلى أن دبي قلب الخليج النابض الذي تهفو إليه القلوب من شتى بقاع الأرض . . تغيرت سحنة أصحاب الدكاكين والبائعين، ولكن المكان مازال يعبق برائحة الماضي ونكهته . .
في سوق الذهب، الذي كان اسمه سوق سكة الخيل، كناية عن الطريق الواسع الذي يمتد من مكانه الحالي في الغرب مدخل شارع البلدية القديم صوب الشرق إلى مربعة مريم بنت حشر، تلك المربعة الكبيرة التي كانت تقابل مسجد الجامع الكبير المعروف بمسجد بن لوتاه . . وكانت سكة الخيل سعتها وطولها تمتد من هناك حتى برج نايف، ويجري في هذه السكة الواسعة سباق الخيل في المناسبات والأعياد . . وكانت البيوت على جانبي سكة الخيل لا تتعدى بيت السادة، ومسجدهم، وبيت يوسف بن ناصر (السركال)، وبعد ذلك تتكاثر زرائب النخيل حتى مصلى العيد شرق برج نايف وإلى البراحة . . وكما تمت الاشارة، فإن سكة الخيل تعني مرابض للخيول وسباقاتها، وكان هناك اسطبل لخيول كثيرة على امتداد سور نايف من الشرق يملكها الشيوخ، ووجهاء الناس وأثرياؤها .
وأعود لصاحبي، صاحب الدكان الذي اتيت على ذكره في مستهل هذا الحديث، إذ قلت له كيف حال السوق عندكم، قال أنت اعرف الناس بدبي وبأسواقها، القديمة والحديثة، واردف، حال السوق دائماً بخير، وخاصة في هذه المنطقة القديمة، كل شئ تبيعه وتشتريه يتحول إلى ذهب، دبي بلد البركة . .، وأضاف، لو جبت لك رزمة من الجواني(الخيش) ووضعتها هنا على الرصيف، لجاءك مشترون كثيرون، وخرجت بربح وفير خلال سويعات قليلة .
لقد صدق، صاحبنا، هذه، دبي بلد البركة وبلد الخير . . تموج اسواقها بالناس من كل فج عميق، وإذا ذكرت دبي فالكلمة المركبة لها والمرادفة، هي المال، وهي التجارة . . وهي السوق الذي يعج بكل ما يخطر على البال من بضائع ومشتريات، لو بحثت عنها في أي مدينة آخرى لطال بك البحث . . ولرأيت من يقول لك "اذهب إلى دبي، فإنك واجد ضالتك ولن تعود خائباً"!
وعندما اكتشف عمال تمديد مواسير المياه في المنطقة المحاذية (لقبر الولّي) في بر دبي، آثار بيوت واستراحات في الستينات من القرن الماضي، جاء خبير أمريكي من الجامعة الأمريكية في بيروت واسمه، الدكتور برامكي، وقرر أن هذه المباني تعود إلى العصر الأموي، حيث المكان محطة للقوافل القادمة من اليمن ومن داخل عمان، والذاهبة إلى العراق، وبلاد فارس، وقال الدكتور برامكي ان هذا المكان يسمى السبخة، واعتقد الدكتور برامكي، أنه نفس المكان الذي ذكره بالتحديد الجغرافي العربي المعروف ابن خرداذبة في كتابه "المسالك والممالك" . . وإذا صحت نظرية الدكتور برامكي، وكذلك ما يقوله "ابن الأعرابي"، محمد بن زياد الأعرابي المتوفى عام 231 هجرية أي قبل ألف ومائتي عام، أن دبيّ مكان في بلاد العرب كثير المال، كما ورد في كتاب معجم ما استعجم لابن البكري . . إذا صح ذلك، فإن دبي فعلاً العلامة . . للمال والتجارة كما كانت عليه، وكما هي الآن في الوقت الحاضر، بلد غني بالنعم الواسعة والمال الوفير، ونسأل الله أن يديم علينا خيره ونعمه .
[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"