عادي

جماليات الثُلُث إشراقة على العين

23:04 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: عثمان حسن

يعد العراقي مثنى العبيدي من أشهر الخطاطين العرب، وهو حائز عشرات الجوائز من مهرجانات وملتقيات الخط العربية والدولية خاصة لبراعته في خط الثلث بأنواعه وأيضاً خط النسخ.

1
مثنى العبيدي

الآية القرآنية «سيجعل الله بعد عسر يسراً» كتبها مثنى العبيدي بالثلث الجلي، وهي آية تجلب الراحة والسكينة إلى القلب، ومن يغامر في كتابة هذا الخط يدرك تماماً أن الثلث هو من أجمل وأصعب الخطوط العربية من حيث القواعد والموازيين، وهو يمتاز بالمرونة ومتانة التركيب وبراعة التأليف، وفي هذه اللوحة نلحظ بقوة جماليات خط الحرف؛ من حيث وضوح قراءة الخط وفهمه، وسهولة كتابته وجمال منظره.. وبعض الكتّاب يسمي هذا الخط، بالخط العربي، لأنه الأساسي لأنواع كثيرة من الخطوط العربية، والثلث الجلي في اللوحة حرفه أكبر من الثلث العادي.

في اللوحة المشار إليها، ثمة جماليات واضحة في كتابة الحرف، ومن يتأمل حرف الألف في الآية، يدهش من كيفية خط هذا الحرف، كما غيره من الحروف التي يراعى في كتابتها عند الخطاطين المحترفين اتباع القاعدة الأساسية لخط الثلث، التي تعتمد بشكل رئيسي على كتابة الحرف مستقلاً عن الآخر، فالحرف هنا، له تفاصيل، وله موازين وأبعاد، وله دقائق وحواف وزوايا ودرجات ميل، تحتاج إلى براعة استثنائية؛ من حيث سماكة القلم المستخدم، وحركة الحرف على السطر وغيرها من أبجديات الثلث المعروفة عند الخطاطين، وهي أبجدية تعتمد كتابة الحروف كمفردة، وصولاً إلى التكوين النهائي لهذه الحروف في صلتها مع الحروف الأخرى على سطح اللوحة.

في التفاصيل، ثمة تحديد ثابت لزاوية القلم أثناء كتابة أو خط حرف الألف عند مثنى العبيدي، وهو تحديد يعتمد على مقاييس مبدأية بين الخمس أو السبع نقاط، وللتوضيح يقوم الخطاط بتثبيت سبعة حروف رأسية، تساعده في إتقان كتابة الحرف، يليها رشاقة في إمساك القلم وفق زاوية معينة، فرأس الألف في اللوحة يحدد نقطة انطلاق الحرف، نزولاً مع راحة اليد إلى أسفل، وقريباً من المنتصف (منتصف حرف الألف) وعند ثلاث نقاط في المنطقة المسماة بمنطقة (الصدر) يبدأ الحرف بالانسيابية، أما قبل نحو نقطة ونصف من نهاية الحرف المحددة، فيبدأ الخط بالميلان قليلاً، وصولاً إلى نهايات الحرف التي تنتهي بفرك القلم.

هذه القواعد الأساسية في خط حروف الثلث والثلث الجلي، تعد قواعد لا غنى لأي خطاط عن معرفتها، كما هو شأن العبيدي الذي يضيف إلى تلك اللمسات الجمالية الشكلية طقساً روحانياً خاصاً، ومن يدقق في بقية الحروف، يجد معايير صارمة في كتابة كل حرف ظاهر في اللوحة مع حروف السين والعين والجيم والراء وهكذا.. وصولاً إلى تلك المتعة البصرية التي تجول في امتدادات، وانحناءات، ومرونة أشكال الحروف على نحو ما اتصف به الخط العربي والإسلامي من جماليات وفنون غاية في الإدهاش والسحر.

ويخط مثنى العبيدي (البسملة) وهي فاتحة القرآن الكريم، في منتصف اللوحة إلى جهة اليمين بالنسبة لعين المشاهد، بإشراقات اللون الأخضر، وأيضاً بالثلث الجلي، ليكتمل مشهد الجمال والنور والإشراق.

رصانة

في هذه اللوحة، نحن بإزاء جمال المنظر، هذا الجمال الذي هو جزء من الطبيعة البشرية والذوق البشري، وهو بكل تأكيد جمال نسبي، لكنه مع ذلك يقدم مقاربة فنية تشبه ما نشاهده في الطبيعة من مناظر جميلة مع تشكيلات الينابيع والأشجار والحقول والبساتين والطيور وخلافها، ما يؤكد متانة ورصانة وجمال الحرف العربي خاصة في الثلث، هذا الذي شيّد معمار الخط في كتابة أوائل سور القرآن الكريم، كما زين واجهات المساجد والقباب ومختلف العناوين في الكتب والمصاحف.

حاز العبيدي جوائز عدة بينها: جائزة الإبداع العراقي سنة 1999، وجائزة المدرسة البغدادية (المرتبة الأولى) سنة 2005، كما حصل على الجائزة التقديرية في بينالي الشارقة للخط العربي في دورتيه الثالثة والرابعة، وحصل على الجائزة الأولى في خط الثلث في المسابقة الدولية الرابعة سنة 1998 في إسطنبول، والجائزة الثانية في خط الثلث والنسخ معاً في المسابقة الدولية الرابعة سنة 1998 بإسطنبول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc45zvye

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"