عادي

قَسَم الله تعالى بالشمس

23:07 مساء
قراءة 3 دقائق
3

د. حميد مجول النعيمي *

كما هو معروف للجميع، الشمس هي من أهم الأجرام السماوية التي خلقها الله، سبحانه وتعالى، للأرض ولمختلف الكائنات الحية الموجودة على سطحها، فبدونها تكون الأرض عبارة عن كوكب صخري يفتقر إلى محيطه الحيوي و يكون خالياً من الجليد، لأنها، أي الشمس، تمد النباتات بالطاقة اللازمة لعملية النمو وتوفر لها المواد الغذائية اللازمة ولا سيما الأكسجين فضلاً عن فوائد كثيرة بالقسم، لا تُعد ولا تُحصى.

أحد الأسباب المهمة الذي يجعل الأرض صالحةً للعيش والسكن وازدهار الحياة على سطحها ومحيطها هو وقوعها في منطقة مهمة بالنسبة للشمس وكواكب مجموعتنا الشمسية الأخرى وتدعى بالمنطقة بالذهبية، فهي واقعة في الموقع الصحيح ليس بعيداً ولا قريباً من الشمس، أي بين مواقع كواكب مفرطة بالحرارة وكواكب مفرطة بالبرودة لتتلقى الأرض طاقات شمسية وفيرة تتضمن الضوء والحرارة الضروريين للتفاعلات الكيميائية والبيولوجية المفيدة للكائنات الحية من النبات والحيوان والإنسان.

والله، جل جلاله، أقسم في كتابه الكريم بالشمس، كما أقسم بأشياء مهمة أخرى خلقها في الكون، وذلك أمرٌ يدعو الإنسان إلى التفكر والتدبر وإمعان النظر فيما أقسم به الله، سبحانه وتعالى، ومحاولة استجلائه والتعرف إلى العظمة فيه التي جعلته ينال هذا الشرف العظيم بالقسم.

قال الله تعالى في الآيات الكريمة من سورة الشمس (1-6): «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا، وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا، وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا..» في الآيات الكريمة أعلاه ستة مما خلق الله تعالى مقسوم بها، وكل قسم فيها فلكي سماوي/ كوني صرف، سواء من حيث المحتوى أو الترتيب أو العلاقة الداخلية بين الحالات كافة. وبالنسبة للكائن الحي، فإن الأجرام السماوية والظواهر الفلكية المرادفة لها (مثل الشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض) مهمة جداً، ولولاها لما تمكن الإنسان من البقاء على سطح الأرض.

لا تزال الشمس فتية جداً، بالمقارنة مع الأعمار الطويلة للغاية لكثير من النجوم، وتعتبر الشمس حالياً نجم من نجوم التتابع الرئيسي، ما يعني أنها في أكثر أشكالها استقراراً، وستستمر هذه الفترة لبضعة ملايين من السنين (ولكن ولسوء الحظ، ربما لن يكون البشر موجودين ليروا الشمس تتقدم في العمر ولاسيما عندما تتحول إلى عملاق أحمر وربما تبتلع كوكب الأرض).

ولأجل فهم الشمس فيزيائياً وفوائدها الكاملة لكوكب الأرض لابد من معرفة فيزيائية مركزها، اللب، وطبقاتها الغازية الداخلية والخارجية بالتفصيل، فنجد الشمس نجماً نشطاً له نشاطات سماوية كونية عديدة مثل الكَلَف الشمسي (البقع الشمسية) والاندلاعات واللهب والرياح الشمسية والتدفقات الكتلوية الكرونية. هذه النشاطات لها علاقة فيزيائية وكيميائية مباشرة، وحتى بيولوجية ومؤثرة في الأرض وكواكب المجموعة الشمسية وأغلفتها الجوية ومجالاتها المغناطيسية إن وجدت، وتسبب العواصف المغناطيسية وتؤثر في محيطها و بيئتها الفضائية و الطقسية.

تُعَد الشمس أحد النجوم النموذجية في مجرتنا، وهي نجم متوسط بالمقارنة مع مليارات النجوم الموجودة في مجرتنا، وهي مركز منظومتنا الشمسية وأقرب النجوم إلينا وتختلف عن الأرض بأنها مكونة من الغازات الملتهبة، إذ ينبعث من سطحها الرياح الشمسية والأشعة الكهرومغناطيسية بما فيها الضوء الذي يضيء نهارنا ويمنحنا الدفء والحرارة، ونظراً إلى قربها الشديد منا نسبياً فهي تظهر لنا وكأنها قرص غازي بدلاً من نقطة مضيئة، كما هو حال النجوم الأخرى، الأمر الذي مكن علماء فيزياء الشمس من دراستها من الأرض ومن الفضاء بشيء من التفصيل، واعتبرت هذه الدراسات ركائز أساسية في علم النجوم. تؤلف كتلة الشمس بين 99.8 إلى 99.9% من كتلة المنظومة الشمسية والكتلة المتبقية تتراوح بين 0.1% - 0.2% موزعة على كتل الكواكب وأقمارها والأجرام السماوية الأخرى مثل المذنبات والكويكبات والغازات والأتربة المنتشرة والمحيطة بالشمس: فإذا كانت كتلة الشمس 99.8% فإن كتلة الكواكب تعادل 0.14% وأقمار الكواكب 0.00005 والكويكبات 0.000002 والمذنبات 0.05 والشهب والنيازك والمادة بين الكواكب 0.0000001.

تنتج الطاقة الشمسية عرضياً من عمليات الاندماج النووي في مركز الشمس بفضل الضغط الشديد (بحدود 250 مليار غلاف جوي) ودرجة الحرارة العالية الموجودة في باطنها (حوالي 15.7 مليون كلفن)، إذ يتحول الهيدروجين إلى هيليوم بشكل مستمر (أي تحرق الهيدروجين وتحوله إلى هيليوم في باطنها، فإنها تحرق في الثانية الواحدة بمعدل خمسة آلاف طن من كتلتها، لذلك فهي سِرَاجاً وَهَّاجاً وكذلك النجوم).

* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ru8v3p52

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"