عادي
استعرضت بدوراته العشر الأخيرة أبرز مبادراتها المستدامة

الإمارات في «COP».. حضور فاعل لحماية كوكب الأرض

00:22 صباحا
قراءة 7 دقائق

تمتلك دولة الإمارات مسيرة متميزة في العمل من أجل البيئة، ترافقت مع تأسيسها في مطلع سبعينات القرن الماضي، وتحرص على المشاركة الفعالة في كل المؤتمرات والفعاليات الساعية للوصول إلى حلول مستدامة تسهم في تجاوز تحديات التغير المناخي، وبادرت بإطلاق العديد من الجوائز البيئية الهادفة لدعم وتشجيع المبادرات المبتكرة محلياً ودولياً.

عبر مسيرة نوعية ممتدة، حرصت الإمارات على أن تكون مشاركاً فاعلاً في دورات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP»، لعرض مبادراتها في حماية البيئة ونموذجها الرائد في الاستدامة، والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في معالجة القضايا البيئية، وشهدت النسخ العشر الأخيرة من المؤتمر حضوراً فاعلاً ومتميزاً للإمارات، حيث شاركت في دفع وتسريع وتكثيف الجهود العالمية للعمل من أجل المناخ وحماية كوكب الأرض، إلى جانب إطلاق مبادرات رائدة لتعزيز الاستدامة البيئية في العالم.

دفعة جديدة

مع تصاعد التغيرات المناخية خلال الأعوام الماضية، يترقب العالم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي تستضيفه الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلين، في مدينة إكسبو دبي، باعتباره دفعة جديدة للجهود العالمية الساعية لتنفيذ التعهدات والالتزامات الخاصة بحلول قضايا التغير المناخي.

وبدأت المسيرة الدولية لمفاوضات مكافحة التغير المناخي خلال قمة الأرض التي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992، وتشكلت عقب هذه القمة الهيئة الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بهدف السماح للنظام البيئي بتحقيق التنمية المستدامة وتثبيت غازات الاحتباس الحراري في إطار زمني، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ عام 1994، وصادقت عليها 199 جهة مشاركة من الدول والمنظمات، إضافة للاتحاد الأوروبي.

وانطلقت الدورة الأولى لقمة المناخ «COP1» في مدينة برلين الألمانية عام 1995، وحددت أهدافاً لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتقرر عقد اجتماع سنوي، ولم تتأجل هذه الاجتماعات إلا في مناسبة واحدة عام 2020 بسبب جائحة «كوفيد-19»، حيث تم إرجاء «COP26» إلى عام 2021 بدلاً من 2020.

وسجلت الإمارات مشاركة فاعلة ومتميزة في مؤتمر «COP27» الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، العام الماضي، حيث شاركت بوفود متنوعة يصل عددها إلى أكثر من 70 مؤسسة حكومية وخاصة، وعدد من صانعي السياسات، والمفاوضين، وقادة الأعمال، ومجموعة متنوعة من قادة العمل النسائي والشبابي ومنظمات المجتمع المدني.

تحالف القرم

عملت الوفود المشاركة على توطيد الشراكة الوثيقة بين دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية الشقيقة، ودعم رئاستها لمؤتمر الأطراف «COP27» ومساعيها نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس، إضافة لربط النتائج والمخرجات بين مؤتمرَي الأطراف «COP27» في شرم الشيخ و «COP28» الذي ستستضيفه الإمارات.

وضمن فعاليات «COP27»، أعلنت الإمارات عن الإطلاق العالمي لتحالف القرم من أجل المناخ بالشراكة مع جمهورية إندونيسيا، حيث يهدف التحالف لدعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالمياً كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغيّر المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، حيث تسهم أشجار القرم في تعزيز مواجهة تداعيات التغير المناخي، مثل الأعاصير، والعواصف، والفيضانات، كما تعد مخزناً للكربون بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف الغابات الاستوائية المطيرة البرية، وتوفر مناطق خصبة وموائل طبيعية آمنة للتنوع البيولوجي البحري.

كما كشفت الإمارات ضمن مشاركتها في «COP27» عن المسار الوطني للحياد المناخي 2050، والذي يمثل الإطار الزمني لآليات ومراحل تنفيذ مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 التي تم الإعلان عنها في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

وحدد المسار سقف الطموح المناخي لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ويستهدف تحقيق خفض بنسبة 18% للانبعاثات بالمقارنة مع معدلات الخفض المستهدفة في التقرير المحدث للمساهمات المحددة وطنياً الثانية، بموجب اتفاقية باريس بحلول 2030، ثم الوصول بنسب الخفض إلى 60% بحلول 2040، والوصول إلى درجة الحياد بحلول 2050.

الحلول المستقبلية

خلال مشاركتها في «COP26» في غلاسكو ببريطانيا عام 2021، أعلنت الإمارات خارطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين، وهي خطة وطنية شاملة تهدف لدعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون، والمساهمة في تحقيق الحياد المناخي وتعزيز مكانة الدولة كمصدر للهيدروجين، في إطار ترسيخ توجهات القيادة بتعزيز الحلول المستقبلية لتحديات المناخ العالمية.

وتضمنت خارطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين 3 أهداف أساسية، تتمثل في فتح مصادر جديدة لخلق القيمة من خلال تصدير الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته ومنتجاته إلى مناطق الاستيراد الرئيسية، وتعزيز فرص مشتقات الهيدروجين الجديدة بواسطة الفولاذ منخفض الكربون والكيروسين المستدام، إضافة إلى الصناعات الأخرى ذات الأولوية والتي تساهم في تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.

وعلى هامش فعاليات «COP26» أيضاً أطلقت الإمارات بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، منصة عالمية لتسريع نشر مشروعات وحلول الطاقة المتجددة في البلدان النامية، وتعهدت بتقديم 400 مليون دولار من خلال «صندوق أبوظبي للتنمية»، لدعم المنصة في جمع تمويل لا يقل عن مليار دولار.

شاركت الإمارات في «COP25» بالعاصمة الإسبانية مدريد عام 2019، وضم الوفد في عضويته ما يقارب 90 عضواً، يمثلون مجموعة من جهات ومؤسسات القطاعين، الحكومي والخاص، إضافة إلى 41 شاباً وشابة من عدد من المؤسسات الأكاديمية.

وخلال فعاليات المؤتمر، دعت الإمارات المجتمع الدولي إلى ضرورة تكثيف الاهتمام العالمي بجهود التكيف مع تداعيات التغير المناخي، والعمل على نشر التقنيات والحلول المبتكرة الداعمة لآليات تحقيق هذا التكيف.

وشددت الدولة، خلال مشاركتها في «COP24» في مدينة كاتوفيتشي البولندية عام 2018 على ضرورة تسريع وتيرة الالتزام العالمي ببنود اتفاق باريس للمناخ، والعمل على الحد من مسببات التغيّر المناخي وخفض حدة تداعياته، لحماية حياة ملايين البشر حول العالم من التأثيرات السلبية لظواهر المناخ التي بات العالم يشهد حدّتها بشكل واضح، ومنها الحرائق المتزايدة والفيضانات وحالات الجفاف. وخلال المؤتمر، استعرضت الإمارات أهم الإنجازات التي حققتها ضمن مساهماتها الوطنية المحددة لاتفاقية باريس، إضافة لتسليط الضوء على المبادرات المحلية لتعزيز الاستدامة ومنها إقرار حزمة التشريعات والقوانين والاستراتيجيات التي تستهدف خفض مسببات التغير المناخي والحد من التأثيرات السلبية لتداعياته، والعمل على التكيف معها، إلى جانب جهود الدولة في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، ودورها في حماية البيئة بشكل عام، وتمكين الشباب الذين يمثلون عصب التعامل مع القضايا المهمة المطروحة على الساحة الدولية.

كما استعرضت جهودها على المستوى العالمي من حيث المساعدات الإنمائية والاستثمارات الدولية في قطاع الطاقة المتجددة، عبر مؤسسات القطاعين، الحكومي والخاص، في الدولة.

تمكين الشباب

أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة برنامج تمكين الشباب لأجل المناخ على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP23» في مدينة بون الألمانية عام 2017، حيث عملت حكومة الإمارات على تصميم وإدارة البرنامج بالشراكة مع مختبر الشباب للمناخ وبالتعاون مع الحكومات والمنظمات الدولية المشاركة.

وهدف البرنامج لتعزيز مشاركة الشباب في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ ووضع السياسات الوطنية المتعلقة بتغير المناخ من خلال تزويدهم بفرص مثمرة في مجالات بحوث السياسات وتطوير الحلول.

كما عمل على ربط الشباب بذوي الخبرة من المفاوضين وصانعي السياسات وممثلين رفيعي المستوى من الحكومات وأعضاء المنظمات الدولية، لإرشادهم وتزويدهم بالمعرفة والخبرات. وخلال مشاركتها في مؤتمر «COP22» في مدينة مراكش المغربية عام 2016، أكدت الإمارات ضرورة الإسراع بترجمة قرارات «مؤتمر باريس للمناخ 2015» إلى برامج ومشاريع عملية تسهم في الحد من تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد كوكب الأرض.

وشددت الدولة على أهمية تحويل بنود اتفاق باريس إلى أفعال واقعية، ما يستلزم مضاعفة الجهود والتنسيق والتعاون على كل المستويات، محلياً وإقليمياً وعالمياً، الأمر الذي يتطلب اعتماد منهجية مرنة تتيح لجميع الدول، بخاصة النامية منها، واتخاذ إجراءات عاجلة تتماشى مع الأولويات الوطنية، وتراعي الظروف الخاصة بكل دولة.

شراكات دولية

استضافت مدينة ليما في بيرو عام 2014 مؤتمر «COP20» وأصدرت القمة في ختام اجتماعاتها «إعلان ليما» الذي تضمن تأطيراً دقيقاً للمساهمات الوطنية التي يتوجب على كل بلد التواصل بشأنها في إطار التحضير لاتفاق باريس.

وشاركت الإمارات بوفد رفيع المستوى تقوده وزارة الخارجية والتعاون الدولي في المؤتمر، وأكدت الدولة التزامها بالعمل الجاد والمستمر من أجل التوصل إلى اتفاقية عالمية فاعلة بشأن تغيّر المناخ، حيث دأبت دولة الإمارات على حثّ كل الدول وتشجيعها على الانضمام إلى الجهود المبذولة لتخفيف آثار ظاهرة تغير المناخ، كما تمتلك الدولة سجلاً حافلاً بالشراكات الناجحة مع كل من الدول المتقدمة والنامية للوصول إلى حلول فعالة للحدّ من تداعيات التغيّر المناخي.

التنمية المستدامة

أكدت الإمارات خلال مؤتمر «COP18» الذي عقد في قطر عام 2012 مواصلة التزامها بالجهود الدولية الرامية إلى مواجهة تغيّر المناخ والعمل مع شركائها الإقليميين للتوصل إلى استجابات فعالة لهذا التحدي العالمي. واستعرضت خلال المؤتمر إنجازاتها في مجال الطاقة المتجددة وسعيها الدؤوب لتحقيق وإرساء مفاهيم التنمية المستدامة، وتوصلت القمة إلى بداية المحادثات حول اتفاقية دولية عالمية جديدة تكون بديلاً عن «كيوتو» وملزمة قانونياً للدول كافة. (وام)

اتفاق تاريخي

شاركت الإمارات بوفد رسمي في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP21» الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس عام 2015، حيث لاقت المبادرات والمشاريع الرائدة للدولة صدى دولياً وجذبت أنظار العالم لمستقبلها الواعد.

وتم خلال المؤتمر تبنّي اتفاق باريس، حيث توصلت الأطراف المشاركة إلى اتفاق تاريخي لمكافحة تغيّر المناخ وتسريع تكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لمستقبل مستدام ذات انبعاثات منخفضة من الكربون، وتعزيز الاستجابة العالمية بالحد من زيادة درجة حرارة الكوكب لأكثر من 1.5 درجة بحلول 2050، إضافة إلى المطالبة بضرورة مراجعة التعهدات ورفعها وتقديم المساعدات المالية لدول الجنوب.

فرص واعدة

انتهى مؤتمر «COP19» الذي عقد في مدينة وارسو البولندية عام 2013 إلى الاتفاق على أن تبدأ كل الدول بخفض الانبعاثات في أقرب وقت ممكن، كما تمت صياغة مصطلح «الانبعاثات المحددة».

وسلطت الإمارات الضوء على إنجازاتها العملية والتي تسهم في التصدي لتداعيات تغير المناخ، وأكدت اهتمامها بمواصلة العمل لمواجهة التغيّر المناخي مع التركيز على تحويل التحديات إلى فرص واعدة، وتحقيق المنفعة والفائدة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مشددة على أن تحقيق ذلك يتطلب الاستفادة من الفرص العديدة التي تتيحها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حالياً، بما في ذلك تفعيل الآليات للبدء بتقديم التمويل للدول النامية وضمان العمل الناجح لآلية «مركز وشبكة تكنولوجيا المناخ» من أجل تمكين وتسهيل تطوير التكنولوجيا ونقلها.

خفض الانبعاثات

تشهد النسخة القادمة من مؤتمر «COP28»، أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، ما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الرؤى والاستجابة للتقارير العلمية التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للتقدم في تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة ال 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050.

كما يشكل المؤتمر نقطة فارقة في مسيرة الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغيّر المناخي وزيادة التمويل ورفع سقف الطموحات والالتزامات للبلدان تجاه تحويل تحديات المناخ إلى فرص اقتصادية وتنموية مستدامة تعزز الإجراءات العالمية بتخفيف تداعيات التغيرات المناخية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4vvtn6ev

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"