عادت سوريا.. وماذا بعد؟

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

لا جدال في أن استرجاع سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية خطوة تاريخية، أو رئيسية، أيهما يصح، على طريق يفترض أن يقود إلى أكثر من عودة؛ فالمنتظر رجوع سوريا الكامل، ككيان عربي مهم، إلى الحاضنة العربية، ورجوع الدولة السورية، بكل مكوّناتها وتنوعاتها، إلى ما كنت عليه، إنسانياً وحدودياً، قبل 2011، ورجوع كيانات أخرى في دول عربية غير سوريا إلى دائرة الانتماء الأولى والأبقى، وهي العروبة.

  وإعلان مجلس الجامعة، إثر اجتماع غير عادي على مستوى وزراء الخارجية، استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات المجلس، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتباراً من 7 مايو 2023، ومن ثم مشاركة الرئيس بشار الأسد في القمة العربية، إن رغب، قرار يستحق ما قوبل به من ترحيب، إن على مستوى الدول والمنظمات، أوالشعوب والأفراد.

  وربما ليس من باب الكياسة الآن أن يتساءل أحدنا: ماذا جنينا من هذه الأزمة الممتدة منذ 12عاماً؟ وهذا التساؤل وإجابته لازمان لمن أراد الاعتبار، وقطع الطريق على تكرار فصول لا تسرّ في المسيرة العربية، وإن كان الأوجب أولاً إفساح المجال الآن لبلورة تصور عربي إقليمي تنهض عليه خطى المرحلة المقبلة التي «تتطلب نهجاً عربياً فاعلاً وبنّاء (...) يستند إلى قاعدة الحوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للأمة العربية»، بتعبير وزارة الخارجية السورية.

 ولا شك في أن أسئلة أخرى أعمق وأقسى ستنشأ في الآتي من خطوات، وتقف عند حصيلة الأعوام الاثني عشر، وفي القلب منها إعمار الداخل السوري. والمقصود هنا البنى الإنسانية أولاً، بعد أن تصدّعت روابط، وتفرقت روابط اجتماعية ووطنية يتطلب التئامها جهداً على مستوى التراب السوري الذي ينتظر لملمة أطرافه، وإعادة صوغ خريطة وطنية متماسكة.

 وذلك يستلزم حواراً وطنياً جامعاً لا يقف عند التفاصيل المثيرة للألم، ولا تتبارى أطرافه بالأخطاء، أو الخطايا، إلا من باب الرغبة الجماعية في قطع الصلة بما فات، وتحاشي تكراره.

 والجهد الأكبر في هذا الصدد منتظر من القيادة السورية، فبعد تهيئة الأجواء، عربياً وإقليمياً، منتظر منها أن تقود مساعي المصالحة الداخلية بإدارة هادئة مستوعبة لما في النفوس من مرارات تقطع الطريق على من يريد تجديد الأحزان، أو وضع الملح على الجراح، حتى يمكن التعالي عليها.

 مهمة الدولة السورية صعبة، لكنها ليست مستحيلة، فقريبٌ منا تجارب في القفز على أزمات مشابهة، وربما أعقد، والتسامي على مرارات ثمار الانقسام والاقتتال لاستعادة الوطن واعتبار الخسائر، بأنواعها، قربان بقائه موحداً.

 أما عمران الأرض فهو، على كلفته المهولة وحاجته إلى وقت، العمل الأسهل على السوريين مدعومين بأشقائهم أولاً، ومن يريد من الأصدقاء.

  ليكن ما جرى درساً، رغم ألمه، للسوريين والعرب، خاصة صنّاع الأزمات النازفة، قديمها وجديدها، وإلا سيتبوأ الغافل مقعده من نار التاريخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/45nf3e7y

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"