الدبلوماسية بدلاً من المجابهة

04:45 صباحا
قراءة 3 دقائق

خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخير في الأمم المتحدة، هو أهمّ المبادرات العلنية الجدّية الأمريكية لحلّ الخلاف مع إيران منذ عام ،1979 لاسيما أنه اعترف فيه، بأن واشنطن ارتكبت أخطاءً في الماضي .

لذا أصبح من السهل إنهاء ترسبات وذيول العداوات بين الأمم والشعوب والدول، بفعل تعاقب الحقب وزوال آثار هذه العداوات بشكل أو بآخر، خصوصاً إذا ما تبدّلت الظروف والحسابات والمصالح، حتى لو كانت هذه العداوات تاريخية، الأمر الذي يعزز المقولة الشائعة، (لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بل مصالح دائمة)، وليس مهماً من قالها سواء كان تشرشل أو غيره، فالعداوات الدفينة والعميقة من الممكن في هذا العصر أن تصبح صداقات حتى لو كان هذا الأمر من باب التقية .

وعلى هذا المنحى نشرت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية، مقالاً للرئيس الإيراني حسن روحاني في الفترة الأخيرة قال فيه، انتهى عصر العداوات الدموية، وحري بزعماء العالم أن يحوّلوا التهديدات إلى فرص . . أناشد نظرائي اغتنام الفرصة التي أتاحتها الانتخابات التي أجريت حديثاً في إيران، أناشدهم تحقيق أكبر استفادة من التفويض الذي منحه لي شعبي بالدخول في حوار متعقّل والرد بصدق على جهود حكومتي للانخراط في حوار بنّاء .

يأتي مقال الرئيس الإيراني في سياق السياسة الإيرانية الجديدة، حتى إن المحللين اعتبروا هذه المرحلة بداية لشهر العسل بين طهران وواشنطن، على الرغم من حالة العداء بينهما التي امتدت طوال 34 عاماً، عندما رحبت الأوساط السياسية والإعلامية في طهران، بالخطاب الأخير للرئيس الأمريكي أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وتحدثت هذه الأوساط عن النبرة المعتدلة والمحترمة للرئيس أوباما .

كما أن الرئيس الإيراني وخلال حديثه لمحطة التلفاز الأمريكية سي إن إن أرجع عدم إجتماعه بنظيره الأمريكي، إلى الوقت الذي لم يكن كافياً، مضيفاً أن الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت اهتماماً بمثل هذا اللقاء، مشيراً إلى أن الجليد بدأ ينكسر بين واشنطن وطهران، لأن المناخ تغيّر بسبب رغبة الشعب الإيراني في إقامة علاقات جديدة .

وعلى الجانب الأمريكي رأت وزارة الخارجية الأمريكية في التصريحات الإيرانية فرصة للدبلوماسية، حيث رحب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بالتصريحات الإيجابية جداً للرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني الذي أدلى بها، واصفاً إياها بالتصالحية الموجهة إلى نظيره الأمريكي باراك أوباما .

وعلى هذا المنوال، تكون العلاقات الأمريكية - الإيرانية قد دخلت في طور التصالح والعمل الدبلوماسي بين الجانبين، نظراً لتصريحات المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين . وواضح أن الحكومة الإيرانية الجديدة تبنت مقاربة جديدة، حسبما صرح الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني .

طريق الدبلوماسية الذي أكّده أوباما، هو السعي إلى حل دبلوماسي لإنهاء الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه العمل للتوصل إلى حل بين الفلسطينيين والدولة العبرية، وذلك بإقامة دولة فلسطينية لا تهدد أمن إسرائيل، وفي ما يخص سوريا فقد التزم أوباما بالتوافق مع روسيا في هذا الجانب، بيد أنه أبقى تصريحاً، على تهديداته قائمة بالنسبة للسلاح الكيماوي السوري، والملف النووي الإيراني .

لا شك أن العلاقات الأمريكية - الإيرانية، ومن خلال التطور الإيجابي الظاهر في تصريحات الجانبين، بدت متأثرة بما حصل على الصعيد الدبلوماسي، بعدما وافقت واشنطن على المبادرة الروسية بشأن السلاح الكيماوي السوري، وكذلك قيام واشنطن بمراجعة سياستها حيال طهران بل والمحور الإيراني - السوري، وتبني سياسة أمريكية جديدة تتسم بالمرونة والاعتماد على الحل الدبلوماسي .

إن إعادة هيكلة حكيمة للسياسة الخارجية الأمريكية، إنما هي متأتية من الأحداث المشتعلة في سوريا بما في ذلك إلغاء أو تجميد العمل العسكري ضد سوريا، بعدما تيقنت واشنطن، أن ردود الفعل الصاروخية من المحور المذكور، ستهدد بشكل كبير أمن إسرائيل، وربما ستؤدي هذه الضربة إلى إشعال حرب مفتوحة، إقليمياً وعالمياً .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"