القطاع العام قادر

21:49 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *

عجز القطاع العام اللبناني عن تأمين وصول المياه إلى المنازل، كما عن متابعة الثورة المستمرة في قطاع الاتصالات. وإقفال لبنان، تقنياً وعلمياً وثقافياً، يقضي على مستقبل أولادنا ويجعلهم ليس غير قارين على النجاح في الداخل فقط، وإنما أيضاً غير قادرين على تسويق أنفسهم عالمياً. لا لزوم لخوض غمار التجارب الفاشلة في البيئة والإدارة العامة والشؤون الاجتماعية وفي محاربة الفقر وتنمية المناطق. وتعداد النتائج السلبية الفاشلة ليس صعباً وبالتالي يجري النقاش حول تراتبية الفشل فقط، وليس على المحتوى.

هل سبب كل هذه النتائج عجز في اتخاذ القرارات، وفشل في التنفيذ النوعي؟ يتبين لنا من تجربتين مهمتين حديثتين أن القطاع العام عندما يريد، يستطيع التنفيذ. هذا يؤكد أن مصدر الفشل هو عدم الرغبة في اتخاذ القرارات الصحيحة وبالتالي عدم التنفيذ، أو تنفيذ أمور سلبية مضرة بالبلد وبالجميع. نقصد بالتجربتين معركة اللقاح ضد كورونا وإجراء الانتخابات النيابية التي كان يتبارى الخبراء في تأكيدهم على أنها لن تحدث، أو أن القطاع العام لا يريدها، أو أنه غير قادر على إجرائها بسبب غياب الكهرباء والحبر الأزرق، وعدم رغبة الموظفين في التعاون مع الحكومة، وغيرها من الإبداعات الفكرية الناتجة عن سوء المعرفة، أو ربما تمنيات، بريئة أو غير بريئة.

 في عملية اللقاح، كانت ممارسة وزارة الصحة مميزة. وجميعنا أعجب بوصول الرسائل الإلكترونية التي دعتنا إلى التسجيل للقاح، ثم إلى اختيار المستشفى المناسب، والتوقيت المسهل للعملية. أعجبنا عندما تم تذكيرنا بأخذ الجرعة الثانية، ثم الثالثة لمن يخضع للمعايير المطلوبة والمعروفة. فعلاً نجحت وزارة الصحة في إتمام المهمة، ومن الضروري التنويه بالنتائج تشجيعاً للاستمرارية ولمواصلة العمل بكل جدارة وشجاعة وفعالية. قرر القطاع العام إتمام المهمة ونجح. هل الصحة مختلفة عن القطاعات الأخرى؟

في الانتخابات النيابية الأخيرة، كان التشكيك كبيراً، وربما أكثرية اللبنانيين كانت غير مقتنعة بأنها ستجري، وإذا أجريت ستحصل حوادث تشلّها، أو تجعلها فرصة سيئة. أجرت وزارة الداخلية العملية بالتعاون الإيجابي مع وزارة الخارجية، والسفارات اللبنانية التي سمح لنا الإعلام بالتعرف إلى سفراء يقومون بواجباتهم على أكمل وجه. كان هنالك جدية في اتخاذ القرارات ونوعية في التنفيذ تعود إلى كل المشاركين، من مرشحين ومقترعين وموظفين، في كل الإدارات، ولا بد من التنويه بجهودهم. حتماً الانتخابات لم تكن مثالية، وهذا ليس حال لبنان فقط، ولنتذكر مثلاً أن الرئيس ترامب لم يعترف بعد بنتائج الانتخابات الرئاسية، بل يعتبر أنها «سُرقت» منه. وفي الدول النامية، من المستحيل إيجاد انتخابات مثالية، وبالتالي ما أنتجنا في لبنان يجب أن يحوز تقديرنا وتهنئتنا.

  ما جرى يؤكد لنا أن القطاع العام قادر على إنتاج الخير إذا أراد. وأخيراً، ومع اعتمادنا للنسبية، كنا نتمنى لو نجح القطاع العام في كل القطاعات والخدمات، كما نجح في الصحة والانتخابات. لكنا عندها بوضع أفضل بكثير مما نحن عليه اليوم 

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7cryfedv

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"