الشارقة: عثمان حسن
جون ترمبل (1756-1843) فنان أمريكي عاش في بواكير فترة الاستقلال، اشتهر بلوحاته التاريخية عن الحرب الثورية الأمريكية، وكان من قدامى المحاربين فيها. أطلق عليه لقب «رسام الثورة»، ومن أشهر لوحاته (إعلان الاستقلال) التي تم طباعتها على عملة فئة « 2 دولار أمريكي».
ولد ترمبل في كونيتيكت، لعائلة تنحدر من المستوطنين البروتستانتيين الذين كانوا موجودين في بداية تأسيس الولايات المتحدة.
التحق في 1771 بكلية هارفارد وهو في ال 15 من عمره، وتخرج في 1773. فقد إحدى عينيه جراء حادث في طفولته، وكان لهذا تأثير كبير في أسلوبه الفني.
شارك ترمبل كجندي في الحرب الثورية، وشهد معركة بنكر هيل، تم تعيينه المساعد الثاني للجنرال جورج واشنطن، وفي يونيو 1776، نائب المعاون العام للجنرال هوراشيو جيتس. استقال من الجيش عام 1777 بعد خلاف حول موعد تعيينه ضابطاً.
في عام 1780، حوّل موهبته الفنية إلى حرفة، فسافر إلى لندن، ودرس تحت إشراف بنيامين فرانك، وبناء على اقتراح من الفنان بنجامين ويست، رسم ترمبل لوحات صغيرة تجسد حرب الاستقلال، وفي ذات العام ألقت القوات الأمريكية القبض على العميل البريطاني الرائد جون أندريه في أمريكا الشمالية، تم شنقه كجاسوس في 2 أكتوبر 1780. بعد وصول الأخبار إلى بريطانيا العظمى، اندلع الغضب وتم القبض على ترمبل ثم سجنه لمدة سبعة أشهر في لندن، وبعد إطلاق سراحه، عاد إلى الولايات المتحدة.
بعد الحرب
في عام 1784، بعد اعتراف بريطانيا باستقلال الولايات المتحدة، عاد ترمبل إلى لندن لدراسة الرسم على يد بنجامين ويست، وتم قبوله في الأكاديمية الملكية للفنون في ذلك العام، في تلك الفترة رسم عدة لوحات من أجواء الحرب الأمريكية، وفي الاستوديو الخاص به رسم «معركة بنكر هيل» و«موت الجنرال مونتغمري» وكلا العملين ضمن مقتنيات كلية الفنون بجامعة ييل.
في يوليو 1786، ذهب إلى باريس، وبمساعدة الرئيس توماس جيفرسون (1743 – 1826) الذي خدم هناك كوزير أمريكي قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة، بدأ في إنشاء التكوينات المبكرة للوحة «إعلان الاستقلال»، وعلى مدى السنوات الخمس التالية، رسم صوراً صغيرة للموقّعين على وثيقة الاستقلال، والتي استخدمها لاحقاً في لوحة أكبر تعتبر من أشهر لوحاته. وأثناء وجوده في باريس، قدم ترمبل جيفرسون للرسامة الإيطالية ماريا كوسواي، فأصبحا صديقين حميمين، أصبحت اللوحة التي رسمها ترمبل لجبفرسون بتكليف من كوسواي، معروفة على نطاق واسع.
كان العام 1817 مفصلياً في تاريخ هذه اللوحة الشهيرة لترمبل، فهي ذات السنة التي كلف بها ببدء العمل على لوحة (إعلان الاستقلال) التي أنجزها ترمبل في عام 1818، وتم شراؤها من قبل كونغرس الولايات المتحدة في 1819، مع لوحات أخرى لترمبل، وكلها مرتبطة بالثورة الأمريكية، وهي معلقة اليوم في القاعة المستديرة لمبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن، منذ العام 1826.
إعلان الاستقلال
يوجد في اللوحة نحو 42 رجلاً من أصل 56 موقّعاً على الإعلان، ومعظمهم جالسون في غرفة اجتماعات كبيرة. يركز معظم هؤلاء أنظارهم على الرجال الخمسة الواقفين في وسط الغرفة. الأطول بين الخمسة هو الرجل الذي يظهر وهو يسند يديه على وثيقة الاستقلال، وعلى الأرجح أنه توماس جيفرسون (الرئيس الثالث للولايات المتحدة في ما بعد).
اللوحة (زيت على قماش، بأبعاد 3.7 م × 5.5 م)، وهي تصور مسوّدة إعلان الاستقلال، على عكس ما يُروَّج خطأً في بعض الأحيان بأنها تصور توقيع إعلان الاستقلال. وهذه اللوحة منجزة من لوحة أصغر منها لترمبل وبذات الشخصيات (موجودة حالياً بمعرض الفنون بجامعة ييل). في هذه اللوحة رسم ترمبل العديد من الشخصيات بأشكالها الحقيقية في الواقع، فقد سبق ذلك أن قام هذا الفنان بزيارة قاعة الاستقلال لتصوير الغرفة التي اجتمع فيها المؤتمر القاري الثاني.
تظهر اللوحة لجنة صياغة الإعلان المكونة من خمسة رجال، وهم يقدمون مسوّدة الإعلان إلى الكونجرس، وهو حدث وقع في 28 يونيو/ حزيران 1776، وتم التوقيع عليه لاحقاً في 2 أغسطس والخمسة بالترتيب من اليسار إلى اليمين (جون أدامز الابن 1735 – 1826، وهو السياسي الأمريكي الذي شغل منصب الرئيس الثاني للولايات المتحدة، وأول نائب للرئيس، روجر شيرمان، لفنكستون، توماس جيفرسون (1743 – 1826) وهو الرئيس الثالث للولايات المتحدة كما أسلفنا، خطوات قدمه ملامسة لخطوات قدم جون أدامز، ما يشير – عند تفحص اللوحة- إلى أن هذين السياسيين قد كانا منافسين ودودين، وقد تم تصوير هذا الجزء من الصورة بشكل صحيح على إصدار الورقة النقدية فئة الدولارين، ومن الخمسة أيضاً بنجامين فرانكلين)..
قصد ترمبل كما ذكر آنفاً، أن يشمل جميع الموقّعين البالغ عددهم 56، لكنه لم يتمكن من الحصول على صور تمثل أشكالهم الحقيقية، كما صوّر في اللوحة العديد من المشاركين في المناقشة ممن لم يوقّعوا على الوثيقة، بما في ذلك جون ديكنسون، الذي رفض التوقيع. وقيل إن ترمبل لم يكن لديه صورة حقيقية تمكنه من التعرف على بنجامين هاريسون، وقيل إنه رسمه عندما رأى ابنه، فقد كان يشبه والده كثيراً، وبالمثل، رسم ترمبل روفوس هوبكنز، الذي يشبه والده ستيفن هوبكنز، الذي لم تكن له صورة حقيقية تمثله عند ترمبل.
على أقصى جدار الغرفة تظهر مقتنيات مهمة من عهد الثورة من بينها (أبواق، أسطوانة موسيقية، طبل، وألوان فيالق تم التقاطها من الأفواج البريطانية).
أرشيف
من الصور الشهيرة لترمبل لوحات عديدة بأطوال كاملة للجنرال واشنطن، وغيره من رموز القادة والآباء المؤسسين للولايات المتحدة، من بينها لوحة لإلكسندر هاميلتون 1805، وتم انتخاب ترمبل زميلاً في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم في عام 1791 وانتخب كعضو في الجمعية الفلسفية الأمريكية في عام 1792.
رسم ترمبل صوراً لوالده جوناثان ترمبل، وروفس كينغ، وتيموثي دوايت، وستيفن فان رينسيلر (كلاهما في جامعة ييل)، وألكسندر هاميلتون (في متحف متروبوليتان للفنون ومتحف بوسطن للفنون الجميلة)، كما رسم صوراً ذاتية عديدة لشخصيات ورموز وأصدقاء من عهد الثورة الأمريكية.
