عادي
حقيقة أم مجرد أبحاث؟

الحياة تبدأ بعد الأربعين.. «شعار» يواجه تجاعيد الزمن

23:52 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: زكية كردي

«الحياة فعلياً تبدأ بعد الأربعين، حتى ذلك الوقت أنت فعلياً تقوم بمجرد أبحاث».. لعلّ هذه المقولة لعالم النفس السويسري كارل يونغ أصبحت اليوم نهجاً للكثير من العاملين في مجال التنمية البشرية والمحاضرين في مجالات مختلفة تهتم بجودة الحياة والصحة النفسية والروحية، ولا يمكن إنكار أن الحديث عن تغير نظرتنا للحياة بعد سن الأربعين هو حديث يفتح بوابات الفلسفة والرغبة بمعرفة المزيد عن تجارب الآخرين، فلكل أربعين؛ تجارب مختلفة تحكمها وتبلور معناها وعمقها وحكمتها التي نستدل عليها في السطور والتجارب القادمة..

1
عمر فاضل

كرجل وربّ أسر ة لطفلين، هناك العديد من التغيرات التي طرأت على منظوره للحياة بعد سن الأربعين، والتي كانت نتيجة لتجارب الحياة والنضج الذي اكتسبه عمر فاضل، مدير الاستيراد والتحصيل الإقليمي في شركة آر إي لتحصيل الديون، ويقول: بدأت في إعادة تقييم أولوياتي في الحياة، حيث أصبح لديّ وعي أكبر بأهمية الأسرة والصحة والرضا الشخصي، ووصلت إلى الشعور بالاستقرار المهني والاطمئنان على المستقبل، أيضاً أصبحت علاقاتي الشخصية أعمق وأكثر نضجاً، كما أصبحت أكثر وعياً بأهمية وقتي وقدرة على تحقيق التوازن ما بين العمل والحياة الشخصية، وأضاف بأن البحث عن الهدف ومعنى الحياة يكون محورياً في هذه المرحلة وأنه وجده بالسعي لتحقيق أثر إيجابي على المجتمع من خلال مساهماته وعمله.

معنى الحياة

ولعل البحث عن معنى الحياة يعتبر الدرس الأكثر تعقيداً في هذه المرحلة التي تعتبرها وصال المحمود، معلمة لغة إنجليزية، أكثر تعقيداً ونضجاً، وتقول: كنت منفتحة في هذه المرحلة على الاهتمام بالصحة العقلية والنفسية والعاطفية، وتعلمت أدوات جديدة للتعامل مع التوتر والضغوط الحياتية، مثل ممارسة اليوغا أو التأمل، وإيجاد الوقت للاسترخاء والتجديد الذهني، وتذكر أن التجارب الصعبة التي عصفت بها من خسارة أفراد من العائلة، إلى تجربة الانفصال، جعلتها تغوص في أعماق نفسها وتكتشف أن قدرتها على النهوض من جديد والاستمرار مناسبة تستحق الاحتفال بالحياة كل يوم، وتضيف: في الحياة نحن دائماً نتعلم.

قيمة الرضا

عن الرضا والتصالح مع الذات والتعامل مع الصراعات الداخلية المتعبة، تخبرنا ميرنا خياط، ربة منزل، وتقول: بعد الأربعين بدأت أقدّر الأشياء البسيطة في الحياة وأعي قيمة الرضا الداخلي، واكتسبت القدرة على التفكير بإيجابية والاستمتاع باللحظة الحالية بدلاً من تضييعها بالتفكير في الماضي أو المستقبل، وأصبحت أكثر منطقية وهدوءاً في التعامل مع المشاكل، خاصة بعد أن اكتشفت نفسي بشكل أعمق وأصبحت أهتم بالأشياء التي تسعدني وأبني علاقة جميلة مع العالم حولي، فأغذي روحي وعقلي بالجمال.

21
رائد عثمان

ويصف رائد عثمان، صاحب عمل خاص، هذه المرحلة بأنها مرحلة التجلي التي تهب الإنسان وضوحاً وعمقاً في الرؤيا، ويقول: كان والدي ينبهني على الكثير من الأمور عندما كان في هذا العمر، ولم أعرف قيمة نصائحه إلى بعد أن وصلت إلى هذه المرحلة، التي تزداد فيها مسؤوليات الحياة وتصعب التحديات، ويصبح التركيز على الهدف أكبر، حيث نتخلص من الاستجابة للمشتتات بفضل التركيز على الهدف، ويضيف بأن الأحلام تتراجع في هذه المرحلة لأن العالم يصبح أكثر واقعية لدرجة تنال من الشغف كما تنال من القدرة على الضحك ببساطة، كما أن المعاني الكبيرة تتراجع أمام سطوة الحقيقة التي كشفت الكثير من كذب الحياة والأشياء التي اعتقدنا أنها مقدسة كالحب مثلاً.

اهتمام بالعلاقات

بالنسبة لسليمان الصالح، مدير محل، يقول: بعد الأربعين أصبحت أنظر للأمور ببساطة أكثر مما كنت في السابق، وتخلصت من التوتر والكثير من المخاوف التي كانت تسيطر عليّ، وأصبحت أكثر اهتماماً بصحتي وبوضعي المادي، وأيضاً علاقاتي مع الناس تغيرت؛ فأصبحت أهتم بعلاقاتي مع الناس الذين أحبهم بالفعل وأبتعد عن العلاقات المصطنعة وغير الواضحة، أي أصبحت أميز الصدق والقيمة الحقيقية لدى الناس الذي أريدهم في حياتي.

د. جاسم المرزوقي

د. جاسم المرزوقي: اكتمال النضج

يوضح د. جاسم المرزوقي، استشاري العلاج النفسي، أن الحديث عن تغير نظرة الإنسان وحكمته في الحياة بعد سن الأربعين، ليس جديداً على الإسلام، فقد ذكرت في القرآن في آية واضحة ومباشرة «حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة»، ويقول: المغزى من الحديث عن ميزة هذا العمر عائد إلى اكتمال نضج الإنسان، وقدرته على اتخاذ القرارات الأصح، وتعامله مع الغرائز والدوافع بمنتهى الوعي ودقة الموضوعية، بحيث يمتلك القدرة على التعامل مع الأمور بالطريقة الأصح، ولا يعني هذا بالضرورة أن من هم دون الأربعين، أقل وعياً أو أن من هم فوق الأربعين يمتلكون الوعي بالضرورة.

54
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3u4z37va

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"