عادي
القانون الحراري للإجرام

«زيادة معدلات الجريمة».. ترتفع الحرارة و«تلتهب» الأعصاب

18:53 مساء
قراءة 4 دقائق

يحل الصيف ضيفاً ثقيلاً على أولئك الذين يتذمرون من ارتفاع درجات الحرارة، فالأجواء الحارة ذات أثر سلبي في الصحة النفسية، ووفقاً لمؤشر الجريمة في العالم، فإن نسبة الجريمة تزداد في المناطق الحارة أكثر منها في المناطق الباردة، وكلما ارتفعت الحرارة درجة مئوية واحدة، ارتفعت معدلات الجريمة بنسبة 6%.

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطوني غوتيريس، تذمر من ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق، وقال خلال مؤتمر صحفي: «درجة الحرارة أصبحت لا تطاق»؛ وذلك عقب إعلانه انتهاء عصر الاحتباس الحراري، وبداية عصر الغليان.

22 ألف جريمة قتل إضافية

هناك علاقة طردية بين زيادة السلوك السلبي وارتفاع درجة الحرارة، فقد كشفت دراسات أن درجات الحرارة المرتفعة، تتسبب في خسائر أخرى بخلاف حرائق الغابات، وهي ‏زيادة معدلات الجريمة حول العالم.‏

وأظهرت دراسة حديثة عن جرائم العنف في لوس أنجلوس، أن معدل الجريمة يرتفع إلى 12% فوق المتوسط، بحلول الوقت الذي تصل فيه درجة الحرارة إلى 35 درجة مئوية.

وفي العام الماضي، وقعت 86% من جميع حوادث إطلاق النار الجماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، بين شهر يونيو/حزيران وسبتمبر/ أيلول، أي عند ارتفاع درجات الحرارة.

وتتنبأ ورقة بحثية أمريكية، بأن الاحتباس الحراري يمكن أن يضيف 22 ألف جريمة قتل إضافية، و1.2 مليون اعتداء شديد، و2.3 مليون اعتداء بسيط على إحصاءات الجريمة الأمريكية، بين عامي 2010 و2099، وهي أرقام تزيد من حدة الضغط على السياسيين، لاتخاذ إجراءات سريعة بشأن تغير المناخ.

وفي جنوب إفريقيا، اكتشف علماء زيادة بنسبة 1.5% في جرائم القتل لكل درجة ترتفع فيها درجات الحرارة، فيما وجدت مجموعة من الباحثين في اليونان، أن أكثر من 30% من جرائم القتل في منطقتهم، حدثت في أيام كان متوسط درجة الحرارة فيها أعلى من 25 درجة مئوية.

علم الأحياء البشري

ويعتقد معظم العلماء أن الإجابة وراء ارتفاع معدلات الجريمة خلال موجات الحر، تكمن في علم الأحياء البشري، موضحين أن الطقس الحار يزيد درجة حرارة الجسم، ما يرفع بدوره معدل ضربات القلب وضغط الدم، ويمكن أن يسبب ذلك الشعور بعدم الراحة، وهو إحساس لا يختلف عن الشعور بالغضب.

وفي الولايات المتحدة، قام «دكستر»، بدراسة متعددة الجوانب، شملت بحث علاقة جميع عناصر البيئة المناخية بظاهرة الإجرام، وأثمرت عن أنه بارتفاع درجة الحرارة، تزداد جرائم العنف، وبانخفاضها تزداد الجرائم الواقعة على الأموال.

كما تنخفض نسبة جرائم العنف في الأيام الممطرة، والأيام العتمة التي تتخللها سحب وغيوم.

وعندما تنخفض درجة الضغط الجوي، تزداد جرائم العنف.

وأشارت دراسات إلى أن، يوليو/ تموز 1988، كان الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق في أمريكا، وكذلك كان الأكثر عنفاً؛ إذ شهد عدداً غير مسبوق من جرائم القتل والاغتصاب والسطو المسلح والاعتداءات، وفقاً لقناة «سي جي تي إن» الصينية.

السلوك الإجرامي والحرارة

إن العناصر الأساسية المكونة للبيئة المناخية؛ هي: درجة الحرارة، ودرجة الرطوبة، ودرجة الضغط الجوي، وسرعة الرياح، وتتفاوت كل منها باختلاف الزمان والمكان، وتبعاً لذلك يتباين أثرها في سلوك الإنسان بما فيه السلوك الإجرامي، كما يتبين ذلك من خلال الإحصاءات الجنائية والدراسات العديدة التي أجراها العلماء والتي انصبت على بحث علاقة البيئة المناخية بظاهرة علم الإجرام.

التأثر بالمناخ

ويرى ابن خلدون، العالم الذي برع في علم الاجتماع، في دراسة تأثير عوامل البيئة الجغرافية في المجتمعات البشرية، كما وقد سبق غيره من المفكرين أمثال بيكون ودوركايم وحتى مونتسسكيو في هذا الاتجاه الذي يرتكز على آثار البيئة الجغرافية بمفهومها الواسع وهو الاتجاه الذي ظهر فيما بعد في الغرب، وازدهر في القرن العشرين، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية.

قديماً لم يكتفِ المفكر ابن خلدون بتوضيح أهمية الاجتماع البشري وطبيعته وضرورته بصفة عامة، لكنه أيضاً تناول تنوع المجتمعات البشرية وفقاً للإقليم، وتأثرها بالظروف المناخية، وأثره في أخلاق البشر وأحوالهم بصفة عامة من خلال دراسته جغرافيا العالم المستقل في فن التاريخ.

وأوضح أنّ الذوق العام والتفهم والتعقل يتأثرون بدورهم بالمناخ، كما أنّها تؤثر في الشعوب، وقد أكد ابن خلدون على تأثير البيئة في فطرة الإنسان، بحسب أستاذ القانون الجنائي والخبير القانوني الدولي محمد أسعد العزاوي ل«اليوم السابع».

وأكد أن الاعتدال في المناخ له أثره في الشعوب، مشيراً إلى أن المناطق الجبلية والتي ترتفع فيها درجات الحرارة، تساعد على ارتكاب الجريمة؛ وذلك لسهولة اختفاء المجرمين، وصعوبة القبض عليهم، بينما السهول والوديان تقل وتتراجع فيها نسبة الجريمة، لصعوبة اختفاء المجرمين، وسهولة تعقبهم والقبض عليهم.

الفصول الحارة

ويشار إلى أن جيري هو أول من أجرى دراسة حول علاقة البيئة المناخية بظاهرة الإجرام، مستنداً على الإحصاءات الجنائية في فرنسا للسنوات 1826 - 1830، وقد أظهرت هذه الدراسة، أن الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص أكثر حدوثاً في الأقاليم الجنوبية خلال الفصول الحارة، والجرائم الواقعة على الأموال أكثر حدوثاً في الأقاليم الشمالية خلال الفصول الباردة، وفي ضوء دراسة جيري ودراسة أخرى أجراها كيتليه توصل الأخير إلى وضع قانون سمّاه القانون الحراري للإجرام، يحدد صلة درجة الحرارة بالجرائم كماً ونوعاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44n3yp2n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"