من سينتصر؟

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

تجاوزت روسيا كل ما يُحاك ضدها في أوكرانيا؛ إذ إنها لا تنظر إلى الصراع العسكري الجاري الآن على أنه مسألة حياة أو موت بالنسبة لها؛ بل ترى أن نتيجته حتمية نحو نصر ضد الغرب الذي استخدم أوكرانيا حصان طروادة، لاختراق روسيا وتفكيكها، عبر مخططات حذّرت منها موسكو مراراً.

 الغرب ضخ أسلحة لا تعد ولا تحصى من أحدث الترسانات، لتغيير مجرى الحرب، وتكبيد روسيا خسائر تعيدها سنوات للوراء، واستنزافها؛ بحيث لا تقوى لعقود قادمة على المجابهة، أو أن تطل برأسها نحو منازعة أمريكا؛ إذ زود أوكرانيا بأحدث الدبابات من «ليوبارد» الألمانية، و«تشالنجر» البريطانية، و«أبرامز» الأمريكية، وصواريخ «هيمارس»، ومؤخراً، الموافقة على منح كييف عشرات المقاتلات الأمريكية «إف-16»، في محاولة لمنح تغطية جوية للجيش الأوكراني، لاستكمال ما بدأه بما يُسمى «الهجوم المضاد»، الذي لم يحقق إلى الآن النتائج المرجوة منه.

 بوتين توعد، بكل ثقة، بحرق هذه المقاتلات، بنفس الطريقة التي أحُرقت فيها الدبابات في ساحة المعركة؛ في ظل طموحه لما هو أبعد من معركة محسومة بالنسبة له، فهو يريد تثبيت أوتاد بلاده، للخروج من القمقم، وتشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يكون فيه لروسيا والصين الدور المؤثر، وهذا ما أكده خلال قمة «بريكس»؛ إذ قال: إن المجموعة تقف مع فكرة عالم متعدد الأقطاب، مؤكداً فكرة أن هذا التكتل، يكافح ضد الدول الاستعمارية التي تسعى للمحافظة على هيمنتها على الساحة الدولية، والتي تسببت بالأزمة الأوكرانية.

 لكن ثقة بوتين، تقابلها ثقة من زيلينسكي بالنصر، هذه الثقة نابعة من التحشيد الغربي، والوعود التي لا تنتهي لبلاده، وتأكيد حلفائه مراراً بأن هزيمة روسيا محققة؛ حيث ألقى الرئيس الأوكراني إلى ذلك بالاً، واعتمد عليه بقوة، ليرفع سقف طموحاته، نحو استرجاع شبه جزيرة القرم، وكل المناطق الواقعة تحت سيطرة روسيا؛ بل وصل به الأمر إلى استهداف موسكو يومياً بالمسيّرات، فضلاً عن المناطق الحدودية، إضافة إلى عمليات إنزال.

 كل ما تفعله أوكرانيا، لن يلغي الواقع المر بالنسبة لها؛ إذ إنها هي الضحية الأكبر، كما أن الغرب لا يدفع ثمن تهديده لروسيا بالسحق والهزيمة؛ بل الشعب الأوكراني، ومدنه، واقتصاده، وأمنه، واستقراره، من دون أن يخسر محرضوها جندياً واحداً في هذه المحرقة. وعلى الرغم من أن لكل معركة خسائر، فإن ما تفقده روسيا في الساحات، غير كافٍ لإرجاعها إلى الوراء؛ إذ إنها تمتلك المقومات الكافية للتأقلم مع حرب الاستنزاف الحاصلة، كما أن الشعب الروسي له تاريخ طويل في التعايش مع ظروف الحرب نفسياً ومادياً؛ لذا فإن المراهنة على هزيمتها، يشوبه الكثير من القصور، لأنه في أضعف الإيمان سوف تلجأ موسكو إلى النووي إذا شعرت أنها ستفقد زمام المبادرة.

 الحرب ستستمر إلا إذا اقتنعت أمريكا والاتحاد الأوروبي بأن ثمة لاعبين آخرين على الساحة الدولية سيستعيدون دورهم، أو في حال تيقنهم بأن غيرهم أضحى يوازيهم قوة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx6pp98

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"