أين العرب؟

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

يستدعي ما تشهده إفريقيا، تساؤلات عمّا يعده كثيرون غياباً عربياً عن ملفاتها، سواء كان هذا الغياب فردياً، أي على مستوى الدول، أو جماعياً عبر جامعة الدول العربية، أو أيٍ من المؤسسات الأخرى.

وهذا الغياب، أمر يدعو إلى الدهشة، ليس فقط بسبب الوشائج الجغرافية والتاريخية التي تربط العالم العربي، وجزء معتبر منه في القارة السمراء، بإفريقيا، وإنما يتصل الأمر أيضاً بمسألة الوعي بما نشهده من إعادة تموضع للقوى الكبرى فيها، بخروج بعضها وحلول أخرى مكانها، وارتباط ذلك بالانقلابات، وتغيّر مؤسسات الحكم في أكثر من دولة.

عوامل الصلة بين العالم العربي وإفريقيا، تحتم ألا يكون غائباً عن أي ترتيبات تجري فيها أو لها، لكن لا مؤشرات على الاهتمام بهذا الملف، والمقصود هنا العناية الجماعية العربية به، والتحرك المشترك عبر الجامعة أو مجموعة من الدول، تعبيراً عن وجود رؤية للتعامل مع مستجدات القارة السمراء، والوجوه الحاكمة الجديدة فيها؛ بحيث لا نغيب عن أي ترتيبات مستقبلية.

الغاية من هذا التحرك ليست اقتصادية في المقام الأول؛ بل محورها استراتيجي في ظل التقارب بين أقاليم العالم، وزيادة درجات التأثير والتأثر بينها، فكيف إذا كان بيننا في العالم العربي وقارة إفريقيا هذا التقارب متعدد الصور جغرافياً وتاريخياً وثقافياً؟، وبعض دولها تمثل كيانات مهمة لنا، وليس المقصود بها فقط الأقطار العربية الإفريقية كمصر والسودان ودول المغرب العربي.

قد يستشهد أحدهم بما حققته دول عربية من تقارب اقتصادي وسياسي مع أقطار إفريقية، وهذا صحيح، فلا يمكن في هذا الإطار القفز على ما أولته الإمارات منذ التأسيس من أهمية لعلاقاتها مع القارة السمراء، وتجذير المنافع المشتركة والصداقات الراسخة في المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية والصحية وكل أشكال التنمية والاستدامة.

ويمكن أيضاً رصد تحول في علاقة مصر بمحيطها الإفريقي تصحيحاً لما شابها من فتور أو تباعد في فترات سابقة، شهدت قطيعة مع الإرث الناصري العريض في الاتصال بقارة إفريقيا، ودعم حركات تحرر دولها، وفهم أدق تفاصيلها باعتبارها، بدءاً من السودان، إحدى دوائر الأمن القومي المصري والعربي.

أي جهود فردية في هذا الاتجاه، لا تغني بالضرورة عن الحاجة إلى رؤية جماعية عربية للتعامل مع القارة الإفريقية ومستجداتها، فالبعض يعدها الإقليم الوحيد في العالم، على الرغم من قربه بكل المعاني، الذي لا توليه الجماعة العربية ما يستحق من اهتمام تلقاه العلاقات مع أقاليم أو تكتلات سياسية واقتصادية أخرى.

ربما نكون بحاجة إلى جهود في هذا الشأن، تقودها الجامعة العربية، أو مجموعة من دولها، ويصح في ذلك التحرك باسم دائرتنا العربية منفصلة أو بالتنسيق مع القوى الدولية التي يتعزز وجودها في القارة السمراء، وربما يكون من المُجدي البناء على الصلات السياسية والاقتصادية التي عقدتها الإمارات ومصر، والاستفادة من خبراتهما في التعاون مع الكيانات الإفريقية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3pd2mzx9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"