«جيس» وأمل العربية

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل صار لديك أمل في حلّ معضلة الإخفاق في تعليم العربية، بالتي هي أذكى، بفضل النبوغ الصاعد لدى الآلة الذكية؟ ماذا لو انبرى لهذه المهمّة الذكاء الاصطناعي الإماراتي «جيس»، فخصص فرعاً متفرّغاً للبحث العلميّ في هذا الشأن؟ الغاية: كيف الوصول إلى قواعد مبسطة؟ المنهجية لا تبدو محالاً أو خيالاً. كل ما هنالك، يُغذّى البرنامج بكل ما أفنى النحاة أعمارهم في وضعه من تعقيدات والتواءات، ثم يُطلب منه حذف كل ما أوصت العقول النيّرة بالتخلص منه، من الجاحظ، ابن مضاء القرطبي، ابن رشد، إلى طه حسين وشوقي ضيف المتأثر بابن مضاء، وآخرين. لمَ لم يحقق اللغويون والتربويون الهدف، الذي يكفي فيه الجهد البشري؟

لا شك في أن السؤال المزعج هو: ما هي الأسباب الغريبة التي جعلت المجمع اللغوي في القاهرة، ثم سائر المجامع، لا تسعى إلى حلّ هذه المشكلة منذ عقود؟ قد تجد مئة جواب، ولكن ليس من بينها ولا حتى واحد مقنع. أهمّ محفّز للبحث عن الحلول، هو أنه من اللامعقول تحميل التلاميذ والطلاب مسؤولية الفشل. هم يتعلمون ومنهم من ينبغ في كل المواد، ومنها اللغات الأجنبية، أمّا في تعلّم نحو لغتهم وصرفها، فعليك أن تحصي العثرات والكبوات.

على الحضرات أن يوقنوا أن القواعد وضعها بصيغها وشواهدها وطرائق الاستدلال فيها وشروحها ومتونها، نحاة عاشوا قبل أكثر من ألف سنة، وكلامهم ليس مُنزلاً ولا ملزماً. فمن أين جاءت أوهام أن أهل زماننا لا يملكون من العربية شيئاً، بالتالي لا يجوز لهم إبداء الرأي فيها، وإعادة صياغة قواعدها لتطابق ظروف الزمان ومقتضياته؟ ها نحن اليوم أمام مهزلة حقيقية، أن يرى المراهق العربي أن اللغة الأجنبية أصلح له في حياته، عمليّاً وأسهل تعلّماً، وأكثر فوائد في الانفتاح على العالم والتعامل معه، ونظل نحن في السذاجة سادرين، نريد إقناعه بأن الأصالة هي أن يتجرّع غصباً ومن دون فهم قواعد غير قابلة للإدراك والهضم، وشواهدها من بيئة الشعر الجاهلي في أغلب الأحيان.

هذا خلط غير واعٍ وغير عاقل، بين مكانة الشعر الجاهلي، أي التراث، وبين قواعد نحوية وصرفية تساعدنا على التحكم في لغتنا التي يجب أن تحيا زمانها، بل أن تكون لسان عصرها، عصر المعلوماتية والذكاء الاصطناعي ومنهجية البحث العلمي. على القواعد أن تُبسّط أي أن تُحذَف زوائدها، وتعادَ صياغتها، لتستجيب لحياة فيزياء الكمّ في حياتنا اليوميّة: الجوّال، الحاسوب، المايكرويف، الليزر، الجي.بي.إس، الرنين المغناطيسي، السيارات الذاتية القيادة.

لزوم ما يلزم: النتيجة الرجائية: إذا استطاعت الإمارات عبر الذكاء الاصطناعي تحقيق المعجزة، فسوف تنقذ العربية والعرب. هذا هو إنجاز الإعجاز.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2n6j2m8b

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"