شيء مما يجري في الجزائر والسودان

03:39 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعزيز المقالح

لن أتحدث عن كل ما يجري في كثير من الأقطار العربية، وسأكتفي بالإشارة إلى واقع دولتين عربيتين اثنتين هما: الجزائر والسودان، حيث لم يستقر الوضع في الأولى، واستقر نسبياً في الثانية منذ شهدتا التغيرات الأخيرة، وفقدتا حالة الاستقرار التي كانت سائدة على الرغم من كل الملاحظات والانتقادات. فالتظاهرات الجزائرية لا تزال تروح وتجيء دون فائدة تذكر أو الوصول إلى أي حال يضمن للبلاد نوعاً من الاستقرار يمكنها من البناء وتحدي التخلف الموروث.
إن الجزائر التي كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في مضمار التقدم، وأحرزت الكثير من الانتصارات عادت لتخضع للفوضى وينصرف أبناؤها إلى إبراز الانفعالات الآنية، بدلاً من التوجه إلى البناء ودعم الاستقرار. أما السودان، فقد شهد في الأيام الأخيرة توقيع الإعلان الدستوري الذي أضفى حالة من الاستقرار في الوضع بعد الانقلاب الذي قال أنصاره: إنه جاء ليصنع مستقبل سودان جديداً، ويقول البعض: إن الأمور لم تستتب بشكل كامل حيث هناك منازعات بحاجة إلى حلول تفادياً لتضييع الوقت وتدمير الطاقات. ولا أحد يدري متى سينفرج حال هذا القطر العربي بشكل كامل ويتخلص من معاناة امتدت لفترة طويلة.
وعلينا هنا أن نؤكد أن مستقبل هذين القطرين الشقيقين رهن بأبنائهما، وليس في إمكان أي قوة خارجية مهما كان حظها من النفوذ أن تحل محلهم، ولذلك فإن التغيير المطلوب موكل إلى أبناء كل من الجزائز والسودان.
وما يبعث على الأسى أنه على الرغم من وضوح الحال ووضوح أسباب العلاج وإمكاناته، فإن الكثير هنا وهناك يتجاهلون ذلك أو يتعمدون التجاهل لكي تستمر حالة الفوضى وعدم الاستقرار، فهل حان موعد الوعي بالمشكلات الرئيسية التي تحول دون التنمية المطلوبة؟ وهل ما جرى ويجري يكفي لإعادة العقول إلى الصواب، واختيار الطريق الأمثل والممكن؟ نتمنى ذلك، ونرجو الوصول إلى الطريق السليم والصحيح.
والإشارة السابقة إلى كل من الجزائر والسودان لا ينبغي أن تنسينا أقطاراً عربية أخرى يسير بها قادتها نحو الهاوية من خلال ما تعانيه من اقتتال وحروب طائفية ومناطقية، وهو الأمر الذي لم يكن في الحسبان، ولا تستطيع العقول أن تتمثله وترى له مثيلاً في حياة أكثر الشعوب تخلفاً وانكساراً. وفي الوقت نفسه لا ينبغي بل لا يجوز أن ننسى دور العامل الخارجي وتأثيراته المتراكمة، فلولا دور هذا العامل ما كانت الأمور لتصل إلى ما وصلت إليه.
إن الإرادة العربية ينبغي أن تثبت وجودها في هذه اللحظة الفارقة من حياة الأمة التي قادها كل من الاحتلال والتدهور، وجعلاها في حالة يرثى لها. وآن لأبنائها أن يتحركوا ويستعيدوا بعض ما كان لهم من أمجاد لا تزال آثارها ظاهرة وشاهدة على ما كان قد أُنجز وتحقق من تحولات لا يمكن إنكارها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"