وراء أكمة الذكاء الاصطناعي

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

عبداللطيف الزبيدي

هل هذه بشرى أم نذير؟ الموقع الفرنسي «مستقبل العلوم» جاء يخبرنا أن «سنة 2028، ستشهد بلوغ الذكاء الاصطناعي مستوى يساوي الذكاء البشري». هل تعطّلت لغة الكلام لديك؟ ما لك لا تقول: «أبشر بطول سلامة يا مربعُ»؟ إذا كان منتهى المرام هو الذكاء البشري، فقد خاب الطالب والمطلوب.

أخذ ما أورده المشرفون على «ديب مايند» المتفرّعة عن «غوغل»، على محمل الجدّ، واجب، ولو من باب «اللياليُّ حبالى، لستَ تدري ما تلد»، فالذكاء قوة عدوانية في نظر الكثيرين من علماء النفس، وهو أيضاً قوة غريزية حيوانية. لكن الحيوان بريء من كل ذنب عظيم. صحيح أن الدماغ الآدمي أبدع عشرات ألوف الروائع الموسيقية، والبدائع الشعرية والروائية والمسرحية والسينمائية والتشكيلية، وأنوار التجليات الصوفية العرفانية في جميع الثقافات، وغمر مسيرة الإنسانية بالاختراعات والاكتشافات والابتكارات، لكنه عاث في الأرض فساداً، ولا يزال منذ عهد الغراب يسفك الدماء، فأيّ نعمة تقوى على الفخر بوجودها أمام نقمة جبال أسلحة الدمار الشامل؟

المشرفون على المشروع لا يخلون من الحذر الموضوعي، فهم لا يجازفون بالجزم قائلين: «في عام 2028 لدينا حظوظ بنسبة 50% في تحقيق ذكاء اصطناعي يضاهي الذكاء البشري»، وهم يعلّقون آمالاً كبيرةً على القوة الحسابية وكميّة البيانات المتضاعفة في خط بياني تصاعدي، ويرون أن هذين العاملين «إذا اجتمعا إلى منهج التعلّم العميق، تسنّى بلوغ خوارزميات قادرة على معالجة المعطيات على نحو ما يفعله الدماغ البشري». في المقابل، يبدو أنهم يستندون في مطامحهم إلى مكاسب تقانية متوافرة بلا ريب؛ إذ هم على يقين من أن «القوة الحسابية الضرورية للذكاء الاصطناعي العام (المعادل للذكاء البشري) هي في المتناول حالياً». لك أن تسأل: وماذا بقي إذاً؟ يقولون: «بقي إيجاد خوارزميات التعلم العميق، الذي يسمح بتجاوز كل ما يستطيع الآدمي تجربته طوال حياته». خمس سنوات هي لا شيء، إذ يقولون:

«لسنا بعيدين من ذلك»!

ما الذي يستطيع العقل العربي فعله في خمسة أعوام، إذا فتح الله عليه بأن يحلم ويطمح؟ المشكلات المستقبلية تتمثل في أن كل خطوة إلى الأمام علميّاً وتقانيّاً، سوف تتطلب أن تكون قد سبقتها خطوات كثيرة تأسيسية بنيوية. كل تأخير سيستدعي مزيداً من الخطوات السابقة. مثلاً: تطوير المناهج كان يجب أن يبدأ قبل قرن. مراكز البحث العلمي كان يجب أن تقام منذ منتصف القرن الماضي. كم تحتاج ليبيا والسودان وما شاكلهما لبلوغ مستوى مشروع «غوغل»؟ لكن السؤال الأهم هو: ما هي الانعكاسات والتداعيات لتلك المشاريع على العلاقات بين الأقوياء والضعفاء مستقبلاً؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الحصادية: سيدرك العقل العربي حتماً أن العلوم والتقانة أسلحة استراتيجية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46eab5y8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"