سب العلماء

01:54 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

يقول العلماء: إن الإنسان روح وجسد ودم وعظم وإحساس في حياته، وبعد مماته يبقى الجسد من غير روح، ويبدأ الميت في التحلل داخلياً بعد أربع دقائق، حيث يستهلك الجسد الأوكسجين، وتزداد نسبة أكسيد الكربون، والفضلات التي تسمم خلايا الجسم.

يقول الباحث محمد لجين الزين: «تتفكك الشحوم والعناصر الأخرى في داخل الجسم، ويبدأ أثر التحلل على الكبد أكثر، ومن ثم يتغير لون الدم وتزداد الحموضة، وبعدها تبدأ مرحلة قيام البكتيريا بالهجوم».

وعندئذ ينهار الجسم بالكامل مما قد يؤدي إلى انفجار الجسد، وتظهر روائح النتن، ويحصل هذا بعد مرور ثلاثة أسابيع من يوم موت الإنسان، وبعده تبدأ الحشرات بالتكاثر، ثم تتغذى على ذلك الجسد المتحلل، وتتعاون كل المخلوقات وقتئذ على تحليل اللحم والعظم.
لكن من الثابت علمياً أن اللحم يفنى أولاً، ومع ذلك فإنه يأخذ من الوقت ستة أشهر إلى عام حتى يفنى بالكامل، في حين أن العظم لا يفنى سريعاً، وقد قدر العلماء مدة فنائه بعشرين عاماً إلى خمسين عاماً.

هذا عن أجساد الناس العاديين، أما أجساد شهداء المعركة الذين يستشهدون في سبيل الله تعالى، ولإعلاء كلمة الله تعالى، وليس لأجل غرض دنيوي، فإن الأمر مختلف تماماً، حيث أن أجسادهم تبقى غضة طرية لقرون وإلى أجل غير مسمى، من غير أي تغير يطرأ عليهم.

ذكر الشيخ محمود الصواف، رحمه الله تعالى، أنه تشرف بالمشاركة ضمن عدد من العلماء في إعادة دفن بعض شهداء أحد في المدينة المنورة، فوجدوا أن أجسادهم بعد 1400 سنة من استشهادهم باقية، لم تتغير ولم تتعفن ولم تتحلل.

يقول الشيخ الصواف: «إن مقبرة شهداء أحد أصابها سيل جارف، فانكشفت بعض الجثث، ومن تلك الجثث جثة سيدنا حمزة، فبدا ضخم الجثة مقطوع الأنف والأذنين، بطنه مشقوق، وقد وضع يده على بطنه».
يقول الصواف: «فلما حركناه ورفعنا يده سال الدم».
هذا مثال واحد، وهناك أمثلة كثيرة من شهداء فلسطين وأفغانستان وغيرهما، مما يثبت أن الشهداء أحياء في قبورهم، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه العزيز: «وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلكِن لَّا تَشْعُرُونَ» (الآية 154 من سورة البقرة).
فقوله تعالى: «وَلكِن لَّا تَشْعُرُونَ»، أي أنكم لا ترونهم، لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون كما ورد في آية أخرى.
ويقول ابن كثير في تفسيره (ج2 ص 164): «وأما أرواح الشهداء ففي حواصل طير خضر، فهي كالواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين، فإنها تطير بأنفسها».
ويقول ابن القيم في كتاب «الروح» (ص97): «منازل الشهداء ودورهم وقصورهم التي أعد الله تعالى، لهم ليست هي تلك القناديل التي تأوي إليها أرواحهم في البرزخ قطعاً، فهم يرون منازلهم ومقاعدهم من الجنة، ويكون مستقرهم في تلك القناديل المعلقة بالعرش، وإن الدخول التام الكامل إنما يكون يوم القيامة، ودخول الأرواح الجنة في البرزخ أمر دون ذلك».

إذاً، فإن حياة الشهداء البرزخية وإن كنا نسميهم أحياء لا تشبه حياتهم في الدنيا، بدليل أن الشهداء يورثون، وتزوج نساؤهم من بعدهم، وتجري عليهم أحكام الموتى تماماً.

فلنؤمن بما أثبته القرآن الكريم، وهو حياة الشهداء في قبورهم، ولنترك طبيعة هذه الحياة لله تعالى وحده، فالأنبياء والشهداء وربما غيرهم أحياء في قبورهم، لكن لهذه الحياة خصوصية.

وفي الحديث: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه... إلى آخر الحديث» (رواح البخاري ومسلم).
مثل هذه الأحاديث يثبت أن للموتى في قبورهم خصوصية، فحياتهم لا تشبه حياة الدنيا، كما أن سماعهم ليس من جنس السماع المعهود في الدنيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"