السودان يغرق في المجهول

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لا يزال السودان، ينهشه الاقتتال الدامي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، ولا يبدو أن ثمة أفق حل لهذه المقتلة التي قد تُخرج السودان من سياق التنمية والتقدم، إلى براثن الفشل الذي قد يعيده عشرات السنوات إلى الوراء، في ظل استحالة التوصل إلى اتفاق يتم فيه تغليب المصلحة العليا للبلاد على حساب الفئوية أو الطموح بالسلطة.

وعلى الرغم من المحادثات المتواصلة في جدة، والتي تتركز على وقف إطلاق النار، وإجراءات بناء الثقة، وتسهيل المساعدات الإنسانية، دون التطرق للقضايا السياسية، فإن ذلك لم يمنع من المعارك الدائرة في الميدان، فكان صوت القذائف والرصاص أعلى من أي نقاش على طاولة المفاوضات، ما يعني أنه لا نية لخفض التصعيد القائم؛ حيث يسعى كل طرف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، ما يضع السودان على فوهة بركان، يمكن أن تنفجر وتتسبب في حرب أهلية واسعة النطاق، تشمل إثنيات وكيانات سياسية أخرى، في ظل حالة الاستقطابات الحاصلة.

الصراع الدائر في السودان، ربما لا يقتصر على داخله فقط، فلا يخفى أن ثمة أطرافاً خارجية تستفيد من الاقتتال الدائر، في محاولة لتحقيق مكاسب، تختلف بحسب توجهات كل طرف، فثمة من يريد أن يكسب نفوذاً وجوداً جيوسياسياً في هذا البلد الغني بثرواته وموقعه، وهناك من يسعى إلى جعله سوقاً لأسلحته، وآخرون ينظرون إلى الثروات بعين متربصة لامتصاصها، كمناجم الذهب والمعادن الأخرى، وكل هذا يتم عبر «بيادق» على الأرض، قد تكون تنفّذ بعلمها أو من دون علمها هذه الأجندات التي في محصلتها لا تريد للسودان إلا الخراب.

لا يبدو في الأفق القريب أي هامش حوار، في ظل الشد والجذب بين الطرفين، ومحاولة كل منهما إلغاء الآخر، وإزالته من المشهد برمته. بيد أن ذلك لا يمكن حسمه ميدانياً في ظل موازين قوى متقاربة، مدعومة من أطراف أخرى، وسيطرتهما على مراكز استراتيجية، ومدن كبرى؛ لذا فإن البلاد ستنتقل من تيه إلى آخر، ولا ينقذها مما هي فيه سوى اقتناع الأطراف بأن الجلوس للتفاهم هو الحل، عبر حكومة انتقالية، وإبعاد القوى المسلحة عن الشأن السياسي؛ بحيث تقتصر مهامها على حماية الحدود وأمن المواطنين.

في ظل آلاف القتلى وخسائر بعشرات المليارات، وازدياد الفقر والجوع، وفقدان أبسط مقومات الأمن، فهل يُغلّب المقتتلون مصلحة بلادهم، عبر بتر ذراع من يمدها بهدف التخريب، ثم يتوافقون على صيغة تنتشل البلاد من الظلام التي يخيم عليها أم أن السودان إلى مزيد من المجهول؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycywtm27

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"