دردشة حوارية في الأوضاع

02:03 صباحا
قراءة دقيقتين

قلت للقلم: مالي أراك على غير ما كنت أراك، واجماً بلا حراك، فماذا اعتراك؟ قال: لا ينصرفنّ ذهنك إلى أنني مغتمّ لما ألمّ بالعرب من الهمّ، فأخشى ما أخشاه هو أن يركب أهلُ الأمّتين العربية والإسلامية رؤوسهم، فيحرّكوا حاملات الطائرات والغواصات النووية فيلتقي الجمعان، فتندلع الحرب العالمية الثالثة، التي سئل عنها أينشتاين، فقال: «إنه لا يعرف شيئاً عن الثالثة كيف ستكون، أمّا الرابعة فسوف تكون بالعصيّ»، فمن الحكمة أن تنتظر الأمّتان الحرب الرابعة، فالعجلة من الشيطان.

قلت: ويحك، ألا تعلم أن الكذب من الكبائر، ففي المأثور: «الكذب يؤدي إلى الفجور والفجور يؤدي إلى النار»؟ من أين أتيتَ بأن المليارين يملكون الحاملات والغواصات؟ وهل يُعقل أن يفكر أناس عقلاء في خوض حرب مساحتها غزة بأعظم الأساطيل، إلا أن يكونوا مساطيل، أو أن تكون الأكمة مغلفة بالأحابيل والأباطيل؟ قال: أنا عاشق تراث، حتى غدوتُ قطعةً تراثيةً تمشي على قدمين، بل إنني لا أنام إلا وقد وضعت رأسي على حماسيات عمرو بن كلثوم: «ملأنا البرّ حتى ضاق عنّا.. وماء البحر نملأه سفينا». هل يعقل ألا تكون الأمور قد تطوّرت ولو مئة مرّة منذ ألف وخمسمئة سنة؟ أنا أصدّق ابن كلثوم وإلا كان عليّ أن أصدق المحال، وهو أن تعجز سبع وخمسون دولة عن إنقاذ أطفال فلسطين ونسائها من الإبادة.

قلت: لقد مللت الإنشاء والبلاغة، فالرجاء إعادة الصياغة. تعال نفكّر بجدّ، إذ يبدو أن «اللياليّ حُبالى.. لستَ تدري ما تَلِدْ». وجود البوارج دليل على الحبالى، أي الحوامل، ويصحّ الجمع على حاملات، فالألف والتاء عند النحاة لجمع القلة. قال يبدو أن لديك أمراً تريد قوله، تصريحاً أو إشارةً. قلت: أخشى البوح بما يجول في خاطري فأبيت في مستشفى المجانين، أو يُركبوني حماراً بالمقلوب، ويُجال بي في الأسواق. قال: قل، فقد بلغ السيل الزبى، فما خوفك إذا بلغ السيل الزبيدي؟ قلت: ما يدور في فكري، ويجيش في صدري، هو أن إخفاقات جل العرب في شتى الميادين تدعو إلى البحث عن حلول غير عادية، وقد تبدو غير معقولة.

الإصلاحات الضرورية الحاسمة قد تتطلب قرناً خصوصاً في البلدان التي هي على الحديدة فاشلة فشلاً تَختلق له الأيدي المعلومة ذرائع ساحقة ماحقة، فالحل هو أن تعهد تلك الدول بأكبر عدد ممكن من القطاعات إلى القطاع الخاص: التعليم، الاقتصاد، الصحة، المواصلات والاتصالات، الأشغال العامة، الإعلام، الثقافة، الصناعة، الزراعة... عندها سيكون الارتقاء بتلك المجالات قدوة لغيرها في الإدارة الفائقة وحسن التخطيط. لكن التنمية الشاملة ليست «روايةً شرقيّةً، بختامها يتزوّج الأبطالُ».

لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقية: قال القلم، يقيناً توازن المدارك عندك ضاع في الأوضاع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr2shwf8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"