سلاح البحر

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

ينفي كثيرون أن يكون الزعيم الراحل جمال عبدالناصر قال «سنلقي إسرائيل في البحر»، لكنه هاجم أمريكا ذات خطاب قائلاً: «إن الذي لا يعجبه سلوكنا يشرب من البحر»، وهو تعبير يعني عدم الاكتراث برد فعل الطرف الآخر في أي علاقة.

وينسب إلى العالم الراحل د. جمال حمدان قوله، إن العرب لم يلقوا بإسرائيل إلى البحر، ولكنها هي التي ألقت شعباً بأكمله إلى الصحراء.

ورغم ذلك، تتشبث الدعاية الإسرائيلية طويلاً بالمقولة الأولى المنسوبة إلى عبدالناصر، واستدلت بها على ما تصفه بسوء نوايا العرب تجاهها وزعمها، وهي تستعطف الغرب، أنها كيان مستضعف وسط مجموعة دول لن تتورع عن قضمها.

وفي كل الأوقات، لم تتخل إسرائيل عن حلم دولة يهودية من النهر إلى البحر، أي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.

البحر حاضر إذاً في هذا الصراع الطويل، وإن كانت الغلبة للأبيض، غير أن الأحمر يفرض نفسه الآن باعتباره منطلقاً لهجمات على السفن العابرة إلى إسرائيل أو مرتبطة بها بأي شكل، وهو ما استدعى دعوات إلى تشكيل قوة دولية لحماية الملاحة فيه.

وحين ابتدأ الصراع في غزة، لم تستثنِ الولايات المتحدة، وهي تهمّ بدعم إسرائيل كالعادة، البحر، فأرسلت إلى المتوسط حاملة طائرات، ثم عزّزتها بثانية لردع أي طرف غير «حماس» من الخوض في الاشتباك، وتبعتها دول أخرى.

بعدها لم يغب القصف البحري الإسرائيلي عن الحرب التي لم تنتصر فيها حتى الآن، رغم تجريب كل الوسائل لتحقيق أقرب هدفين: القضاء على «حماس»، واستعادة الرهائن منها، حتى اهتدت إلى فكرة إغراق الأنفاق بمياه البحر.

هذا السلاح الجديد ربما يكون آخر ما تراهن عليه إسرائيل، وترجو أن يعاونها البحر في تحقيق ما لم تستطعه الأسلحة الفتاكة.

المفارقة أن البحر الذي تحاول تطويعه إسرائيل الآن في غزة كان يوماً ملاذ الفلسطينيين عام 1948 وفق الرائد ر.د ويلسون، وهو ضابط في سلاح الجو البريطاني كان موجوداً، وفق الباحث عمرو عبداللطيف، في حيفا لدى دخول طلائع الإسرائيليين إليها، فلم يكن أمام عشرات الألوف من العرب الهاربين في حالة من الذعر سوى اللجوء إلى البحر محاولين النجاة بحياتهم عبر القوارب المتجهة إلى القطاع ومصر.

الآن يأتي الفلسطينيين الموت من كل جانب، بما فيها البحر، إن جرّته إسرائيل إلى الأنفاق، ليس لأن الهدف «حماس»، ولكن لأن المياه العذبة في خطر، وهي عزيزة الآن في القطاع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/373a76v2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"