عادي
يشدد على أهمية التفاهم بين أفراد الأسرة

«فاميلي سويتش».. فانتازيا عائلية بقيم إنسانية

23:37 مساء
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم

يحلو لنا في مثل هذه الأيام من كل عام، البحث عن أفلام الترفيه العائلية المسلية، والتي يكثر إنتاجها للعرض خصيصاً على الشاشات والمنصات خلال فترة أعياد الكريسماس ورأس السنة، ورغم علمنا المسبق ويقيننا المؤكد أننا سنشاهد فيلماً بسيطاً، لا عمق في قصته ولا تعقيد أو حرفية عالية في حبكته، ولا مفاجآت تُبهر وتُدهش، والختام شبه موحد ولا بد أن يكون مسكاً وسعيداً. نختار المتابعة عن طيب خاطر، بل نتعمد اختيار هذه الجرعة من المشاهدة العائلية المحببة كنوع من الهروب إلى السكون والهدوء، والتمسك بالاسترخاء والاستسلام للمشاهدة بلا تفكير ولا تعقيد ولا توتر. والمتابع ل«نتفليكس» يلاحظ كم أن هذه النوعية من الأفلام التي تعرضها حالياً، ومن ضمنها «فاميلي سويتش» العائلي بامتياز، المحبب والذي تستمتع بمتابعته ساعة و46 دقيقة بقليل من الكوميديا وكثير من المتعة.

لا تبحث عن الجديد في الفكرة، فبطلة الفيلم نفسها، النجمة والمنتجة جينيفر غارنر، سبق أن قدمت عملاً مشابهاً قبل عشرين عاماً عنوانه «13 جوينج أون 30»، وهذا أيضاً مأخوذ من قصة كتبتها ماري رودجرز (ابنة الفنان والملحن ريتشارد روجرز) وقدمتها في فيلم عام 1976 بعنوان «فريكي فرايداي» إخراج جاري نيلسون وبطولة باربرا هاريس وجودي فوستر، وقصة ماري رودجرز فانتازيا تتناول قصة اجتماعية واقعية، لكنها معالجة بطريقة خيالية تلعب على السحر لتجذب الناس وتقرّب المعنى الاجتماعي التربوي الإنساني والعائلي لعقول الناس والمشاهدين من مختلف الأعمار، لذلك يمكن القول بأن هذه الكاتبة حاكت قصة أعجبت كل الأجيال، أعاد تقديمها عدد لا بأس به من المخرجين والمنتجين بنسخ متنوعة، منها الفيلم الذي حمل الاسم نفسه «فريكي فرايداي» عام 2003 مع جيمي لي كورتيس وليندسي لوهان، وكرّت سبحة الأفلام المستوحاة من تلك القصة مثل «13 جوينج أون 30» عام 2004، و«ذا سواب» (2016) و«ليتل» (2019).. لنصل اليوم إلى «فاميلي سويتش» أي «تبديل عائلي»، حيث تتسع الفكرة مع انتقال «المعجزة» من طرفين فقط إلى أسرة بكاملها.

القصة بالأساس قائمة على مفهوم تبادل الأدوار، من خلال تبادل الأجساد ليوم واحد، حيث تعيش أم وابنتها في صراع دائم، خيوط التفاهم مقطوعة، كل منهما تتهم الأخرى بأنها لا تفهمها ولا تكترث لمشاعرها وللضغوط التي تتعرض لها. فتتمنى كل منهما أن تحل الأخرى محلها، ولو ليوم واحد، كي تدرك حقيقة تعبها وأمنياتها وقدراتها. تتحقق الأمنية بفعل «سحر ما» خلال إجازة الأعياد، فتصحو الأم في يوم جمعة غريب، لتجد أنها ابنتها، وأن ابنتها أصبحت هي، الشكل يبقى على حاله، لكن الفكر والروح وطريقة التعامل مع مشاكل الحياة تختلف تماماً.

في فيلمنا الذي نتناوله اليوم، هذا التبادل يحصل بشكل سحري بين كل أفراد العائلة، بين الأم جيس (جينيفر جارنر) وابنتها سيسي (إيما غارنر)، وبين الأب بيل (إد هيلمز) وابنه وايت (برادي نون)، ويحصل الأمر نفسه بين الطفل مايلز (لينكولن سايكس) والكلب بيكلز.

يبدأ المخرج ماك جي أحداث القصة التي كتبها آدم زتيكل وفكتوريا ستراوس، من داخل منزل آل ووكر، يرتدي الأب بيل والأم جيس أزياء مضحكة تناسب أجواء الكريسماس، بهدف مفاجأة أولادهما بأغنية على أنغام «جاكسون 5» كما اعتادوا كل عام لتسجيل «مقاطع فيديو عائلية لعيد الميلاد»، لكن ردود أفعال الأبناء الثلاثة تصدم الأبوين، عدم اكتراث من سيسي بطلة كرة القدم في فريق مدرستها، ووايت المهووس بالعالم الافتراضي والرياضيات والعلم، وحتى الطفل الرضيع مايلز.يبدو أن اهتمامات الأبناء تغيرت بينما يقف الأبوان عند تفاصيل وهما يحسبان أنها تسعد «العائلة» وتحافظ على تماسكها، لكن رد فعل سيسي ووايت يكون بداية المواجهة، وتعبير كل منهما عن رغبته في تحقيق حلمه. في اليوم التالي تتفق الأسرة على زيارة القبة السماوية لمشاهدة حركة الكواكب والتقائها عبر التلسكوب، وكل منهم يعبر عن مدى توتره لأنه سيواجه «غداً» يوماً مصيرياً سيغير مسار حياته، الأم مهندسة معمارية ستلتقي مسؤولاً عن مشروع ضخم لتقدم أمامه ومجموعته أفكارها، علها تحظى بترقية وتنال حصة من الشركة التي تعمل فيها، الأب وهو مدرّس موسيقى متوتر بسبب تقديمه حفلاً غنائياً مع فرقة موسيقية ليحقق حلماً طال انتظاره، وسيسي كابتن فريق مدرستها، عليها لعب مباراة أمام لجنة تحكيم ستقرر ما إذا كانت ستختارها لتنضم إلى الفريق الوطني لكرة القدم، بينما وايت يواجه مصيراً آخر، حيث سيجري مقابلة لدخول جامعة ييل، والتي يحلم بها منذ زمن وهي تختار النخبة من الطلبة فقط.

يصادف أن يتشاجر الأب مع ابنه والأم مع ابنتها أثناء وجودهم تحت القبة السماوية، وكل منهم يتمنى لو أن الآخر يحل محله ليوم واحد، كي يعرف المسؤوليات التي يتحملها، ويدرك حقيقة مشاعره، ويفهم طريقة تفكيره. طبعاً، في مثل هذا النوع من الفانتازيا، لا بد من وجود من يسمع ويحقق الأمنية بنظرة، ويتابع أمور الأسرة عن بعد وعن حسن نية وبهدف تلقينهم درساً مهماً.

قد لا يكون «فاميلي سويتش» من أهم الأفلام التي يمكنك مشاهدتها، لكنه يحمل معاني اجتماعية وإنسانية جميلة، يشدد على أهمية الأسرة، وأهمية التفاهم بين أفرادها، ويضع كل منهم نفسه مكان الآخر ليشعر بنفس أحاسيسه ويدرك حجم مسؤولياته وطموحاته وأحلامه وأولوياته، ولعل من أجمل المواقف تلك التي يكتشف فيها الأب ما كان يخفيه ابنه عنه من هواجس وطبيعة علاقاته مع زملائه، واكتشاف الابن حقيقة أمنيات والده وأحلامه، وأنه تخلى عن الشهرة والغناء من أجل أسرته؛ كذلك اكتشاف سيسي كل ما ضحت به أمها من ترقيات في مجال العمل، للتفرغ لتربية أولادها لأنهم أولوية عندها، بينما أدركت الأم حجم موهبة ابنتها وخطئها في عدم تشجيعها لها للانضمام إلى المنتخب الوطني.

فانتازيا عائلية ممتعة، يقدمها المخرج بسلاسة، يتعمد التركيز على الأسرة والشخصيات أكثر من الأماكن والديكور والتفنن في التصوير، فلفت الأنظار إلى القصة نفسها أكثر من التصوير والتقنيات الفنية.

مفاجأة

النجمة ريتا مورينو تلعب دور «أنجيلينا» السيدة الطيبة التي تظهر فجأة وتتولى توجيه الأسرة بين الحين والآخر، وحين يشتد الخلاف بين الأربعة يقع كل أفراد الأسرة وتنكسر عدسة التلسكوب، فتضحك أنيجلينا، قائلة لجيس «أصلحوا ما هو مكسور»، وفي صباح اليوم التالي تستيقظ الأسرة على مفاجأة غير متوقعة، الأم صارت الابنة والعكس، والأب هو الابن والعكس أيضاً، فكيف سيتصرف كل منهم مكان الآخر، خصوصاً في هذا اليوم المصيري بالنسبة إلى الجميع؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2fyw3vdc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"