عادي
حملة دعائية كرّسته ظاهرة سينمائية خارج المنافسة

«ولاد رزق 3» أكشن بمواصفات «العصابات الأمريكية»

23:47 مساء
قراءة 5 دقائق
المخرج طارق العريان يتوسط أبطال فيلمه

مارلين سلوم

لكثرة الحديث عنه، ولقوة الحملة الدعائية التي خصصت له، نجح صناع فيلم «ولاد رزق» الجزء الثالث والذي حمل عنوان «القاضية»، في إقناعك بأن ما يُعرض في الصالات هو أكبر من فيلم، هو ظاهرة سينمائية ربما لم يأت مثلها ولن يستطيع أحد منافستها، ولأنه تزامن في وقت عرضه مع موسم أفلام عيد الأضحى، كان من الصعب على أي فيلم آخر إزاحة «ولاد رزق» عن صدارة شباك التذاكر، وكان الأصعب أن تقدم صورة مختلفة عن المرسومة مسبقاً عنه، لذلك لا بد من مشاهدته والحكم عليه بموضوعية، لأنك تجد نفسك أمام عمل عربي بمواصفات أمريكية، حيث يكون الصوت الأعلى والأوحد للأكشن والحركة والصورة والخدع البصرية والإخراج، أما المضمون فيعود بك إلى زمن «سينما المقاولات» والانتصار للبلطجة و«أولاد الشوارع».

يقولون إنه الفيلم الأضخم إنتاجاً في تاريخ السينما العربية، حيث تجاوزت ميزانيته 8 ملايين دولار تقريباً؛ والحق يقال، لا أحد يشكك في أرقام الإنتاج لأن انتقال فريق العمل من مصر لاستكمال التصوير في السعودية، ومشاهد الأكشن والمطاردات في الشوارع هناك لتقديم عمل يشبه إلى حد بعيد أفلام المطاردات والسرقة والعصابات الأمريكية، لا بد أن يستلزم كل تلك الميزانية، ومن يضع مثل هذه المبالغ لا بد أن يصنع في المقابل أكبر حملة دعائية للترويج للفيلم وضمان استرداد تكلفته على الأقل ومن ثم التفكير في الأرباح.

الصورة

يستكمل المخرج طارق العريان والمؤلف صلاح الجهيني خط سير «ولاد رزق» بنفس الوتيرة ونفس منطق سير الأحداث كما فعلا في الجزأين السابقين، الأول (2015) والثاني «عودة أسود الأرض» (2019)، وبنفس مجموعة الأبطال أحمد عز وعمرو يوسف وكريم قاسم ومحمد ممدوح، مع غياب هذه المرة لأحمد الفيشاوي وأحمد داوود؛ الأخوة رزق: رضا (أحمد عز)، ربيع (عمرو يوسف) ورمضان (كريم قاسم) تعاهدوا على الابتعاد عن السرقة والعيش «حياة نظيفة»، لكن يبدو أن النعيم والمال الذي حصلوا عليه من آخر عملية نصب جعل كلاً منهم يمشي في طريق، رضا أصبح يملك معرضاً للسيارات ويعيش مع زوجته حنان (نسرين أمين) في منزل فخم لكنهما لا يعرفان الاستقرار، حيث تستمر الخلافات والغيرة التي تؤدي إلى الانفصال «المؤقت»، ربيع صاحب ملهى ليلي ما زال يعيش حياة اللهو ويتنقل بين الحسناوات رغم حبه لخطيبته سمر (أسماء جلال) واستعداده للزواج منها، بينما رمضان أصبح أكثر نضجاً وانخرط في عالم النصب والخمر وفتيات الليل.. انضم إليهم كوري (علي صبحي) ليبقي المؤلف على الرباعي «أسود الأرض» كما أطلق عليهم في الأجزاء السابقة، ومن الطبيعي أن يتم رسم شخصيات أسود الأرض بكل ما يمكن توفيره من قوة بدنية وهيبة في الإطلالة وحنكة وشراسة مع خفة دم وخفة في الحركة و«بذاءة» في الألفاظ والشتائم.. هكذا تكتمل مواصفات الأبطال الأشرار كي يحبهم الشباب ويتعلق بهم الجمهور فيغفر لهم كل السيئات ويتغاضى عن تعاطيهم الحشيش والخمر ومعاشرة بنات الليل والخيانة الزوجية والسرقة والضرب والقتل ليس دفاعاً عن النفس بل دفاعاً عن المسروقات، والحصول على المال بطرق غير «نظيفة».. مواصفات لا تجد فيها ذرة حلال ولا ذرة خير، عمليات سرقة من النوع الثقيل، والنهاية انتصار وفرحة وتهليل.

  • النماذج الأمريكية

المؤلف صلاح الجهيني معجب بالنماذج الأمريكية «باد بويز»، وبعصابات الأفلام الأمريكية الخالية من أي منطق، البطل الأول فيها الضرب والمطاردات، والمخرج طارق العريان يجيد تسريع حركة الكاميرا بشكل يجعلك تتوهم أن المعركة حامية جداً وأن كل بطل من أولاد رزق يَضرب ويُضرب عشرات المرات في دقائق وثوانٍ معدودة، لدرجة أنك تشعر بدوار خلال أول معركة في كازينو وملهى شربيني (محمد لطفي)، يدخل فيها ولاد رزق ومعهم الشايب (آسر ياسين) في قتال مع رجال شربيني، يتم على إثرها اختطاف رضا واقتياده إلى مكان مجهول، ندرك لاحقاً أن من اختطفه هو سلطان الغول (أحمد الرافعي).

المعروف أن رضا هو العقل والرأس المدبر، فماذا سيفعل باقي الإخوة والشايب لاستعادته من براثن سلطان الغول المعروف عنه أنه بلا قلب؟ كما في الجزأين السابقين، نعيش تفاصيل قصة تستمر طوال الفيلم، لنكتشف في النهاية أنها كانت كلها مفبركة من أجل خداع «العدو»، والعدو هنا هو المعلم صقر (سيد رجب)، حيلة ذكية تقلب المعايير وتغيّر كل مجريات الأحداث، والأهم أنها تعتبر أهم ما في قصة الفيلم الدائرة في دوامة الفراغ، قصة مبنية على تخطيط لعملية سرقة ساعة ذهب مرصعة بالألماس من اللاعب العالمي تايسون فيوري خلال تكريمه في السعودية، يتمكن من خلالها ولاد رزق ومعهم رؤوف (محمد ممدوح) والشايب من كسب المال وتسديد ديونهم للنونو (أحمد فهمي) والذي يعتبرونه عبقرياً لا أحد يعرف تحديداً طبيعة عمله، لكن الواضح أنه زعيم عصابة «هاكر» ومجنون في تصرفاته وحبه للدماء والقتل.

هل يحتمل الفيلم جزءاً رابعاً؟ طالما أن التمويل الضخم متوفر، والنجوم على استعداد للمشاركة، فلا شك أن السلسلة تكمل رحلتها على نفس الخط دون تعديل عن مبدأ الإسفاف في المضمون وإفراغه من أي قيمة اجتماعية وعائلية، بل يمكن القول إن هذا الجزء لا يصلح لمن هم دون سن الرشد ولا للعائلات، لما فيه من ألفاظ بذيئة ومشاهد غير لائقة في ملاهٍ ليلية، والأهم أن «ولاد رزق» يحببون الشباب بحياة الضياع، ويروجون لفكرة أن هؤلاء الأبطال «المحبوبين» والظرفاء، لا يجيدون كسب لقمة عيشهم «بالحلال» ولا بد لهم من العودة إلى السرقة والخداع كي يواصلوا والأخطر أنهم يؤسسون عائلة على هذا الأساس، بداية كان رضا وفي هذا الجزء دخل ربيع القفص الذهبي ومن المتوقع أن نرى له أبناء مثل أخيه في الجزء المقبل!.

  • حركة الكاميرا

لا يمكن الحكم على أداء النجوم والممثلين في غالبية هذه النوعية من الأفلام، فبالكاد يتحدثون، جملهم متقطعة والحوارات قصيرة، بينما الاعتماد الأكبر على سرعة الحركة والخدع البصرية وحركة الكاميرا، والتي يتساوى فيها النجم مفتول العضلات مع النجم ذي البنيان الجسدي العادي أو النحيل.. الإخراج يصنع المعجزات، ويصنع أبطالاً من عصابات السرقة والجريمة ويحل العنف مكان الحوار والعقل، وتصبح الشتائم وبعض الألفاظ الخارجة «ترند» يتناقله الشباب بعد مشاهدة الفيلم.

  • ضيوف شرف

«موسم الرياض»، الترفيه في السعودية، مطاردات في «البوليفارد» في الرياض، لقطات عابرة يظهر فيها اللاعب العالمي رونالدو والمستشار تركي آل الشيخ، ضيوف شرف كثر منهم تايسون فيوري الذي يشارك في مشاهد قتالية بعضها مضحك مع ولاد رزق، وظهور خاطف لكل من فيدرا ورزان مغربي ونوران ماجد ومنى ممدوح وعودة في مشهد واحد للنجم إياد نصار بشخصية الصقر، ومفاجأة الختام ظهور النجم كريم عبد العزيز باعتباره سلطان الغول الحقيقي، والمؤكد أن الختام هو إعلان لمشاركة كريم بهذه الشخصية في الجزء الرابع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/musfkncr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"