عادي

أحاسنكم أخلاقاً

00:14 صباحا
قراءة 3 دقائق
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه
الأخلاق الحميدة تعتبر من الأمور الأساسية والمهمة في حياة كل إنسان، وهي تنظم السلوك الإنساني لكي يضمن حياة كريمة.

وقد حث الإسلام على الأخلاق وجعلها زبدة الإسلام وثمرته وهي جَوهَر حياة المسلم؛ ويدل على ذلك اختِصار النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الحِكمَة مِن بعثَتِه حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما بُعِثْتُ لأُتمِّمَ صالحَ الأخلاقِ» وفي رواية: «مكارم الأخلاق»، و«إنما» تفيد: الحصر، وكأن الإسلام بشرائعه وتعليماته وسننه؛ جاء ليهذب النفس الإنسانية ويطوعها لتكون بناءة للخير والصلاح. وهذا دليلٌ واضح على أهمية الأخلاق التي بُعِثَ رسول الله، صلَّى الله عليه وسلّم، ليتمِّمَها للناس أجمعين.

قال ابن القيم: «الدين كله خُلق؛ فمن فاقك في الخلق، فقد فاقك في الدين»، فالأخلاق هي معيار التديُّن الصادق، فإن المرء إذا تديَّن قلبه تديّنت أخلاقه، وإذا ساءت أخلاقه فإنها دلالة على ضعف تديُّن قلبه ف«أعظم درس في الإسلام هو الخُلق، فإن لم تكن مسلماً خلوقاً فأي درس من الإسلام تعلمت؟! فدعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك».

قال النبي صلى الله عليه وسلم «وخالق الناس بخلق حسن»، «إنكم لن تسِعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم».

وحُسن الخُلُق علامة على كمال الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكملُ المؤمنين إِيماناً أَحسنُهم خُلُقاً».

وإن حسن الخلق عند المسلمين يعود إلى هدي الدين القويم الذي جعل الخلق سجية أصيلة في الإنسان المسلم ترفع من منزلته في الدنيا، وترجح كفة ميزانه في الآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق».

وهي من أسباب رفع الدرجات في الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا زَعيمٌ ببَيتٍ في أعلى الجَنَّةِ لِمَن حَسُن خُلُقُه».

كما أن حُسن الخُلُق له جزاء دنيوي معجل من صلاح الحال وقوة العلاقات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حُسن الخُلُق وحُسن الجِوار يُعَمِّران الدِّيار، ويَزيدان في الأعمار»، فحسن الخُلق من أعظم العبادات، ومهما بلغ تقصيرك في العبادة لا تفرط في حسن الخلق، فقد يكون مفتاحك لدخول الجنة، فباﻷخلاق الفاضلة يبلغ المؤمن منزلة لا يبلغها غيره ويضاعف له الأجر والثواب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم». كما أن الأخلاق الحَسَنة علامةٌ على كَمالِ الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً». وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً».

ومن فضائل حُسن الخُلُق أنها من أسباب دخول الجنة، فقد سُئِلَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن أكثر ما يُدخِل الناسَ الجنَّة فقال: «تقوى الله، وحُسن الخُلُق».

وجمع النبي، صلى الله عليه وسلم، بين تقوى الله وحُسن الخلق؛ لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه.

ونجاحك ونجاتك وفلاحك: بمعاملة ﷲ بالتقوى، ومعاملة الناس بحسن الخلق‏. ومن الأحاديث التي جاءت تسلي المؤمن وتجعله يتكلّف حتى يصير حُسن الخلق له سجية وطبيعة، أن الأخلاق الحَسَنة من أسبابِ مَحَبَّةِ الله تعالى لعبده. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقاً».

.كما أن صاحب الخلق الحسن ينال محبة الرَّسولِ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقرب منزلته منه. قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ من أحَبِّكُم إليَّ وأقرَبِكُم منِّي مَجلِساً يَومَ القيامةِ أحاسِنَكُم أخلاقاً».

وكما أن الأخلاق تُعظّم الأعمال ولو كانت قليلة ولها فضائل جليلة، فإن سوءها يُفسد الأعمال ولو كانت عظيمة، ففي الحديث، قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ».

قيل للنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إن فلانة تقومُ ليلها وتصوم نهارها ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال: «لا خير فيها، هي في النار».

فالخلق السيئ، إذن، هو الهلاك في الدنيا والآخرة، ويجعل صاحبه بغيضاً إلى الناس، يتحاشون التعامل معه أو الاقتراب منه.

ومن وسائل اكتساب الأخلاق: النظر في عواقب سوء الخلق، وأنها تحبط الأعمال وتضيعها. قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وإن الله ليبغض الفاحش البذيء». ومن الوسائل المعينة على اكتساب الأخلاق الحسنة الدعاء، كما كان النبي، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يدعو بهذا الدعاء: «اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدني لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/45yy9seh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"