عادي

باقة ضوء

00:43 صباحا
قراءة دقيقتين

لا نعرف حرَّكم من عبدكم

حاصر المسلمون مدينة السوس أثناء فترة حروبهم مع الفرس، وذات يوم فوجئوا بأهل المدينة يفتحون أبوابها، ويذهبون إلى السوق لقضاء حوائجهم من دون سلاح وكأنهم ليسوا في حالة حرب، وسارع المسلمون إلى سؤالهم عن سر هذا التحول المدهش فأجابهم أهل المدينة: رميتم إلينا بالأمان فقبلناه وأقررنا لكم بالجزية على أن تمنعونا، فقال المسلمون: ما فعلنا، فقالوا: ما كذبنا.

أخذ المسلمون يناقشون الأمر، ويسأل بعضهم بعضاً إلى أن قال عبد منهم يدعى مكنف إنه هو الذي كتب الأمان لأهل المدينة، وأراد المسلمون أن يردوا الأمان فقال لهم أهل المدينة: إنا لا نعرف حرّكم من عبدكم، فقد جاءنا أمان فنحن عليه، قد قبلناه ولم نبدل، فإن شئتم فاغدروا، وحينئذ قرر المسلمون عدم التعرض لهم حتى يعرضوا الأمر على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فبعث إليهم عمر يقول: «إن الله عظم الوفاء ولن تكونوا أوفياء حتى تفوا. ما دمتم في شك أجيزوهم ووفوا لهم»، فأطاع المسلمون أمر عمر وأعطوا الأمان لأهل المدينة.

ضربة هائلة

كان عمرو بن معد يكرب أحد أبطال الجهاد تحت إمرة سعد بن أبي وقاص يوم «القادسية» وقد اصطف الفرس في ذلك اليوم آلافاً مؤلفة اختيروا من أشد جنودهم بأساً تتقدمهم مئات الأفيال القوية الفاتكة المدرّعة بالحديد والقرون وعلى كل فيل عشرون رجلاً مدججاً بسلاحه، وكان يتقدمهم قائدهم رستم أشهر قادة الفرس في زمانه يعلو فيلاً عظيماً. رأى عمرو أن يبدأ ضربته بهذا القائد فلو أنها أصابت منه مقتلاً لأراحت المسلمين من عناء شديد، ولم يتردد فسدد حربته المشهورة التي لم تكن تخطئ هدفاً إلى قوائم الفيل أولاً فأصابتها وتخلخل، فسقط رستم وسقط الفيل عليه فقتل رستم من فوره وسقطت حميلة مما كان يحمل الفيل فإذا بها أربعون ألف دينار غنمها المسلمون في يومهم هذا بفضل ضربة رجل منهم. وقد كانت ضربة عمرو لفيل رستم على هذا النحو مثار دهشة وعجب القوم فحملوا قوائم الفيل الصريع وعلقوها على بناء لهم، فكانوا كلما عُيّروا بالهزيمة أمام المسلمين يقولون: لقينا قوماً هذه إحدى ضرباتهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yjadzb4z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"