قصص عميقة

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين
منذ منتصف 2019، كنت غارقة في تصميم عمل خاص، عمل يحكي رحلة عمر جميلة مع الوالد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تجربتي الخاصة التي عشتها على مدى أعوام مع سموه، ولحسن حظي أني التقيته في مجالات مختلفة، كنت أفكر يومها ولمدة ستة شهور، كيف أصمم عملاً يضم كل ما تعلمته وعشته معه، كيف أترجم الحب الحقيقي في عمل فني خاص يراه هو والمجتمع، ويكون قصتي الخاصة وقصة الجميع، فانتهيت إلى أن سموه لا تليق به إلا قصة من المجرة، فصممتُ أفلاكاً، والفلك هو محيط الشيء وما يحيط بك، من أشخاص وتجارب ومواقف وأحداث تعلمك وتهذبك وتكون شخصيتك، والأفلاك الكونية تدور في اتزان وتناسق لا تتصادم بل تتناغم لتشكل منظومة إبداعية بصرية مبهرة، فكانت «أفلاك سلطان».
في «أفلاك سلطان» ثلاثة أفلاك: تحوي 11 كلمة من كلماته الخاصة التي وضعتها ضمن إطار فلسفي مترجم أبعاداً مختلفة في دورانها وامتدادها والتقائها الرأسي والأفقي، كان العمل مرهقاً في بحثه، جميلاً في خطوطه التي ترسم، استغرقت 6 شهور كي أجمع الكلمات الـ11، لأن بعضها لم يكن موثقاً ضمن المواضيع التي أردتها في عملي، كنت أستمع لمحاضراته، أتذكر ما سمعته منه في مناسبات معينه وأعود للمصدر وأسأل، ساعدني على هذا العمل عدد من الأفراد، حتى ما اكتملت الكلمات، وجدت نفسي أغلق على نفسي باب مرسمي، وأبدأ حالة الانغماس والتصميم، فبدأت تدور أمامي الكلمات وتتشكل الأفلاك، في بُعدٍ كوني متناسق جميل، يعيد قراءة قصة الرحلة الطويلة التي علمتني كثيراً.
أنجزت العمل، وحل في العالم الوباء، ولم يعرض، ولم يخرج من إطار المنزل إلا في العام 2022، وكنت حينها خارج الدولة في مهمة عمل، عرض لمرة واحدة ولا يزال في غلافه الكبير مغلقاً ينتظر مني أن أعيد إطلاقه في حالة وفاء عميقة للوالد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي علمنا أن نحب الخط ونحب العلم والبحث، العمل هو قصة لكن القصة كانت تجربة أضافت إلي الكثير في عالم التصميم وكتابة القصة من خلال الخط.
اليوم أعود وأنظر للتفاصيل التي يحتويها العمل وأقول لنفسي: إن جمال تصميم العمل هو أنك تتثقف، تعرف أكثر عن موضوعك وصاحب القصة التي تكتب عنه، تقترب أكثر مما كنت، وتصبح الجامدات في حروف اللغة، لغة شعر في تناسق إبداعي، تلفت المتذوق وتحرص على أن تخبره ضمن إطار محدود يسمى اللوحة، قصة أكبر من بعد قياسي في «أفلاك سلطان» تعلمت أن هناك قصصاً أعمق يستطيع المرء أن يحاكيها ويكتبها، وإن أخذت زمناً من الوقت والتأمل والتصميم، والقادم سيكون أعمق بإذن الله.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5yxzctww

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"