عادي
المتميّزة كاملة العدد

الإغراءات.. وسيلة مدارس «ضعيفة» لكسب ود الطلبة

01:14 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
جرت العادة أن يشهد الميدان التربوي رواجاً كبيراً في عملية القيد والقبول وحركة تنقلات الطلبة بين المدارس، مع اقتراب موعد انتهاء العام الدراسي، وعقب الانتهاء من الرقابة والتقييم للمدارس، إذ تشكل مؤشراً مؤثراً يحكم رغبات ولي الأمور عند اختيار المدرسة المناسبة لأبنائه.

وبحسب مجريات المشهد، نجد مقاعد المدارس المتميزة «كاملة العدد»، تقابلها المدارس «المتواضعة المستوى والضعيفة» التي تلاحق الطلبة بإغراءات وعروض في محاولة لاستمالة رغبات أولياء الأمور، لتطفو على السطح إشكالية توافد كبير على مدارس لا تملك مقاعد للطلبة الجدد، وأخرى تحاول الاستفادة من موقف عدم توافر الأماكن في المتميّزة بتقديم امتيازات زائفة للطلبة.

أوضح خبراء وتربويون أن التوافد على المدارس المتميزة أمر طبيعي والإشكالية الحقيقية تكمن في عدم وجود شواغر للطلبة فيها. مؤكدين أن الخطط العلاجية الحقيقية للمدارس الضعيفة الحلّ الأمثل لتحقيق التوازن بين المدارس، ترافقها متابعة مستمرة على مدار العام، فضلاً عن التركيز على الاستفادة القصوى من توصيات الرقابة، والتعامل معها بفاعلية وجدية، مع تفعيل أوجه التعاون بين المدارس بمختلف مستوياتها، لتبادل الخبرات ومسارات التطوير.

«الخليج» التقت أهل الميدان التربوي، للوقوف على رؤية أولياء الأمور وتطلعاتهم عند إعلان نتائج الرقابة سنوياً، وموقف المدارس المتواضعة المستوى في إيجاد حلول ناجعة للارتقاء بمستواها. وكيف تتعامل «المتميزة» مع ضغوط الإقبال عليها سنوياً، وجهود الجهات المعنية في فض تلك الإشكالية التي تتكرر معنا كل عام دراسي.

  • المشهد التعليمي

إن تسجيل الأبناء في مدارس ذات تعليم متميز، بات أمراً حتمياً، لاسيما مع تطورات المشهد التعليمي في الإمارات، التي أصبحت بارزة في تخصصات الجامعات ومساقاتها، لتفي بمتطلبات سوق العمل المستقبل، هذا ما أكده عدد من أولياء الأمور «عيسى الرضوان، وميثاء.ع، وسلمان.ا، ومهران علي»، موضحين أن المدارس الضعيفة ليست لديها القدرة على تأهيل الأبناء ورفدهم بمهارات المستقبل التي تساعدهم في المرحلة الجامعية.

وقالوا: إن فرصة الحصول على مقاعد لأبنائهم في المدارس المتميزة أصبحت أمراً غاية في الصعوبة، لقلة الأماكن أمام الإقبال الكبير عليها كل عام، موضحين أن قوائم الانتظار التي ابتكرتها تلك المدارس، تعد الأمل غير المضمون لتسجيل أبنائهم، حيث تظل الصعوبة قائمة بلا وسائل علاج، وكذلك اختبارات القبول التي تعمد بعض تلك المدارس في إعدادها بأسئلة تعجيزية تفوق مستوى الطالب، ما يعوق التحاق الأبناء في المدارس ذات التعليم الجيد.

  • متواضعة المستوى

وفي وقفة مع فريق آخر من أولياء الأمور: حسناء موسى، وسعاد حمد، ومهند زياد، وسامح عبد اللطيف، الذين أكدوا أن المدارس المتواضعة المستوى، لم تعد قادرة على تخريج أجيال تواكب متطلبات المستقبل، ولا ترتقي بمخرجاتها حتى لمجرد التسجيل في المدارس المتميزة، ما يشكل صعوبة بالغة لدى معظم الآباء الذين يجدون أنفسهم مضطرين لإعداد وتدريس أبنائهم من جديد، للارتقاء بمهاراتهم التي تمكنهم من اجتياز اختبارات المدارس ذات الجودة التعليمية.

وطالبوا بإيجاد طرائق علاجية عاجلة للارتقاء بمستويات المدارس الضعيفة والمقبولة، التي لا تلبّي طموحات الطالب وولي أمره الآن، بحيث تكون جميع المدارس ذات جودة تعليمية عالية، ومخرجات تواكب تطورات المشهد ومتطلبات المستقبل، ما يمنح أولياء الأمور خيارات متنوعة وفرصاً كبيرة عند اختيار مدارس أبنائهم.

  • قوائم الانتظار

والتقينا عدداً من مديري المدارس ذات التعليم المتميز: رانا عبد العزيز، ووليد لافي، وخلود فهمي، الذين أكدوا أن أكبر تحديات المدارس التي تقدم تعليماً جيداً في الوقت الراهن، تلك التي ترتبط بسبل توفير مقاعد للطلبة الجدد، لاسيما عقب إعلان نتائج التقييمات للعام الدراسي الجاري، فضلاً عن الإقبال الشديد من الطلبة المواطنين الذين لا يجوز تسجيلهم في المدارس ذات التقييم الضعيف أو المقبول.

وأفادوا بأن قوائم الانتظار تكتظ سنوياً في هذا التوقيت بأسماء الطلبة، للتسجيل للعام الدراسي الجديد، مشيرين إلى أن إجراء اختبارات القبول حق مكفول للمدارس للتأكد من جودة المستوى العلمي للطلاب الجدد، في محاولة جادة للمحافظة على مستوى تقدمها العلمي، وجودة مخرجاتها.

  • أكبر التحديات

وفي لقائنا مع عدد من مديري المدارس ذات المستوى «المتواضع»، أفاد (أ.ن، م.ح، ع.خ، س.آ)، أن أكبر تحدياتها عقب نتائج التقييمات السنوية، تكمن في البحث عن طرائق للمحافظة على بقاء الطلبة في مقاعدهم للعام الدراسي المقبل، لاسيما أن تقارير الرقابة تؤثر بفاعلية في قرارات أولياء الأمور الخاصة باختيار المدرسة الأفضل لأبنائهم، مؤكدين أن الإدارات وضعت خططاً علاجية عاجلة للارتقاء بمستوى تقييمها، لكسب ثقة أولياء الأمور والطلبة.

وأفادوا بأن إداراتهم المدرسية تضطر إلى تقديم بعض الامتيازات، التي تجذب أولياء الأمور، فضلاً عن حرصها على تكثيف اللقاءات معهم، لاستعراض خطط التطوير ومسارات العلاج التي وضعت للارتقاء بمستوى تقييم المدرسة في العام المقبل، ووضع تصورات تنهض بأداء المدرسة وبمستويات أبنائهم العلمية، مؤكدين أن تقييم مدارسهم إذا كان ضعيفاً أو مقبولاً، فهذا لا يعني بالضرورة ضعف مستوى مخرجاتهم، بل هناك مخرجات تفوق مخرجات المدارس المتميزة في المستوى العلمي.

  • مسارات ممنهجة

وفي وقفة مع الخبير الدكتور وافي الحاج، قال: إن المشهد الراهن يجسد معاناة المدارس «المتميزة والجيدة جداً والجيدة»، بسبب الإقبال الشديد لأولياء الأمور الذين حرصوا على أن يظفروا بمقعد دراسي لأبنائهم في مدارس ذات مستوى تعليمي راقٍ العام الدراسي المقبل، وهنا لا سبيل لتلك المدارس إلا اللجوء لقوائم الانتظار وإعداد اختبارات القبول التعجيزية لتخفيف ضغط الإقبال.

أما المدارس «متواضعة المستوى»، فتركز جهودها على ابتكار إغراءات ومحفزات وامتيازات، لتجذب أولياء الأمور، لاسيما التي تضم الرسوم الدراسية، أملاً بعدم رحيل طلابها والمحافظة عليهم لعام دراسي جديد، فضلاً عن إعدادها لخطط تطويرية وحتى إن كانت غير حقيقية، بحجة النهوض بمستواها ومخرجاتها مستقبلاً.

وأكد أن تلك الإشكالية لم تحل، إلا بوسائل فاعلة ومسارات ممنهجة، للارتقاء بالمستوى التعليمي في المدارس المتواضعة المستوى، إذ إن ذلك يوقف التزاحم الذي تشهده المدارس المتميزة كل عام، وهو سيوفر فرصاً متنوعة للاختيار لدى أولياء الأمور، لاسيما الذين يبحثون عن تعليم جيد لأبنائهم. موضحاً أن حرمان المدرسة من حق زيادة الرسوم لا يعد وسيلة مؤثرة تدعو جميع المدارس إلى الارتقاء بمستوياتها، فهناك من لا تتجاوز طموحاته تلك التقييمات وهذه الرسوم.

  • الأفضل والأسوأ

وأكدت الخبيرة آمنة المازمي، أن نتائج التقييم التي تجرى سنوياً على المدارس تحسم دائماً قضية «الأفضل والأسوأ» في المدارس، ما يسهل عملية انتقاء أولياء الأمور لمدارس أبنائهم، مؤكدة أن الرقابة دائماً تقول كلمتها ولا تدخل من الجهات المعنية بشأن التعليم في اختيارات الآباء لمدارس أبنائهم.

وأفادت بأن الإشكالية الحقيقية، تكمن في صعوبة حصول الوالدين على مقاعد دراسية شاغرة لأبنائهم في المدارس المتميزة، ما يجبرهم على العودة مرة أخرى للرضوخ إلى مغريات وامتيازات المدارس الضعيفة، وهنا تبرز إشكالية جديدة تكمن في عدم وجود توازن في مستويات المدارس، ما ينعكس سلباً على عملية القبول والتنقلات، مع عدم وجود فرصة متساوية لجميع الطلبة للحصول على تعليم جيد بسبب عدم توفر مقاعد في المدارس المتميزة.

  • الارتقاء نحو التميز

وعن الأساليب الممكن اتباعها للارتقاء بالمدارس الضعيفة المستوى، أكدت أهمية إيجاد طرائق علاجية مرنة وفاعلة، تسهم في الارتقاء بمستوياتها، ودمج تلك المدارس مع «المتميزة»، بأنشطة متنوعة ومسابقات لتبادل الخبرات، على أن تشارك فيها الإدارات المدرسية والمعلمون والطلبة، ما يعزز روح المنافسة والاستفادة بالخبرات التربوية في الميدان.

  • اتباع التوصيات

أكدت الخبيرة آمنة المازمي ضرورة اتباع توصيات فرق الرقابة للمدارس ذات المستوى المتواضع، إذ تعدّ خريطة طريق للمرحلة المقبلة، وتستطيع الإدارات الاستفادة منها للارتقاء بمستواها، مع الوضع في الحسبان أهمية المتابعة المستدامة من الجهات المعنية على مدار العام وفي مختلف المراحل، ما يسهم في تحقيق مبدأ الجدية في تعاطي تلك المدارس مع التوصيات وآليات التحسين وضوابطه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"